كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(أبواب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الجاهلية)
(باب ما جاء في حاتم الطائي) (عن عدى بن حاتم) (1) قال قلت يا رسول الله أن أبي كان يصل الرحم وبقرى للضيف ويفعل كذا، قال أن أباك أراد شيئًا فأدركه (2)
__________
ابن مضاض الجرهمي وكان أبوها آخر من ولى أمر مكة من جرهم فقام بأمر البيت سبطه عمرو بن لحيي فصار ذلك في خزاعة بعد جرهم ووقع بينهم في ذلك حروب إلى أن انحلت جرهم عن مكة ثم تولت خزاعة أمر البيت ثلاثمائة سنة إلى أن كان آخرهم يدعى أبا غبشان واسمه المحرش بن حليل بن خبشية بن سلول بن عمرو بن لحيى وهو خال قصي بن كلاب أخو أمه حي يضم المهلمة رتشديد الموحدة مع الامالة وكان في عقله شيء فخدعه قصى فاشترى منه أمر البيت بأذواد من الأبل (ويقال) بذق خمر فغلب قصي حينئذ على أمر البيت وجمع يطون بني فهر وحارب خزاعة حتى أخرجهم من مكة إلى غير رجعة، وفيه يقول الشاعر
(أبوكم قصي كان يدعى مجمعًا * به جمع الله القبائل من فهر)
وشرع قصي لقريش الساقية والرفادة فكان يصنع الطعام أيام منى والحياض للماء فيطعم الحج ويسقيه وهو الذي عمر دار الندوة بمكة فإذا وقع لقريش شيء اجتمعوا فيها وعقدوه بها ولا زالت ولاية البيت إلى قصي وبنيه واستمرار ذلك في أيديهم إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فأقر تلك الوظائف إلى ما كانت عليه والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى ثنا شعبة ثناسماك عن مرى بن فطرى عن عدي ابن حاتم الخ. (2) معناه أنه كان لا يقصد بكرمه وخلاله الممدوحة وجه الله تعالى، وإنما كان يقصد بذلك الشهرة والمدح وقد حصل (تخرجه) الحديث سنده جيد، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه أبو يعلى عن القواريرى عن غندر عن شعبة عن سماك به، وقال ان أباك أراد أمرًا فأدركه يعني الذكر، وهكذا رواه أبو القاسم البغوى عن علي بن الجعد عن شعبة به سواء، وقد ثبت في الصحيح في الثلاثة الذين تسعر بهم جهنم منهم الرجل الذي ينفق ليقال أنه كريم فيكون جزاؤه أن يقال ذلك في الدنيا وكذا في العالم والمجاهد، وقد ذكر الحافظ ابن كثير نسب حاتم الطائي مع كثير من مآثره فقال هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن احزم بن أبي احزم واسمه هرومة بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء ابو سفيانة الطائي، والدعدي ابن حاتم الصحابي، كان جواد ممدوحًا في الجاهلية، وكذلك كان ابنه في الإسلام، وكانت لحاتم مآثر وأمور عجيبة وأخبار مستغربة في كرمه بطول ذكرها ولكن لم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة، وإنما كان قصده السمعة والذكر (روى البيهقي) عن علي رضى الله عنه قال لما أتى بسباياطيء وقعت جارية حمراء لعساء زلفاء عيطاء شماء الأنف معتدلة القامة والهامة درماء الكعبين خدلجة الساقين لفاء الفخذين خميصة الخصرين ضامرة الكشحين مصقولة المتنين، قال فلما رأيتها أعجبت بها وقلت لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعلها في فيئى، فلما تكلمت انسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت يا محمد أن رأيت أن تخلى عني ولا تشمت بي أحياء العرب فأني ابنة سيد قومي، وأن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقرى الضيف ويطعم الطعام ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط، وأنا ابنه حاتم طييء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جارية هذه صفة المؤمنين حقًا لو كان أبوك مؤمنًا لترحمنا عليه: خلوا عنها فأن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله تعالى يحب مكارم الأخلاق. فقام أبو بردة بن نيار فقال