كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
يا رسول الله والله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق (وقال أبو بكر بن أبي الدنيا) حدثني عمرو بن بكر عن أبي عبد الرحمن الطائي هو القاسم ابن عدي عن عثمان عن عركى بن حليس الطائي عن أبيه عن جده وكان أخا عدي بن حاتم لأمه قال قيل لنوار امرأة حاتم حديثنا شيئًا عن حاتم، قالت كل أمره كان عجبًا، أصابتنا سنة حصت كل شيء فاقشعرت لها الأرض واغبرت لها السماء وضنت المراضع على أولادها وراحت الإبل حدبا حدابير ما تبض بقطرة، وحلقت المال وأنا لفي ليلة صنبر (بكسر الصاد المهملة وتشديد النون وسكون الموحدة ليلة شديد البرد من أطول ليالي الشتاء) بعيدة ما بين الطرفين إذ تضاغى الأصبية من الجوع، عبد الله وعدى وسفانة. فوالله إن وجدنا شيئًا نعللهم به، فقام إلى أحد الصبيان فحمله وقمت إلى الصبية فعللتها فوالله إن سكتا إلا بعد هدأة من الليل، ثم عدنا إلى الصبي الآخر فعللناه حتى سكت وما كاد، ثم افترقنا قطيفة لنا شامية ذات حمل فأضجعنا الصبيان عليها ونمت أنا وهو في حجرة والصبيان بيننا، ثم أقبل عل يعللني لأنام وعرفت ما يريد فتناومت فقال مالك أنمت؟ فسكت فقال ما أراها إلا قد نامت وما بي نوم فلما أدلهم الليل وتهورت النجوم وهدأت الأصوات وسكنت الرجل إذا جاب البيت قد رفع فقال من هذا؟ فولى حتى قلت إذًا قد أسحرنا أوكدنا فاعاد فقال من هذا؟ قالت جارتك فلانة يا أبا عدي ما وجدت على أحد معولًا غيرك، أتيتك من عند أصبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، قال أعجليهم على، قالت النوارفو ثبت فقلت ماذا صنعت؟ اضطجع، والله لقد تضاغى صبيتك فما وجدت ما تعللهم فكيف بهذه وبولدها؟ فقال اسكتي فوالله لأشبعتك إن شاء الله، قالت فأقبلت تحمل اثنين وتمشي جنبتيها أربعة كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ بجربته في لبته ثم قدح زنده واورى ناره ثم جاء بمدية فكشظ عن جلده ثم دفع المدية إلى المرأة ثم قال دونك، ثم قال ابعثي صبيانك فبعثتهم، ثم قال سوءة أتأكلون شيئًا دون أهل الصوم؟ فجعل يطوف فيهم حتى هبوا وأقبلوا عليه والتفع في ثوبه ثم اضطجع ناحية ينظر إلينا، والله ما ذاق مزعة وأنه لأحوجهم إليه، فأصبحنا وما على الأرض منه إلا عظم وحافر (وعن الوضاح بن معبد الطائي) قال وفد حاتم الطائي على النعمان بن المنذر فاكرمه وأدناه ثم زوده عند انصرافه جملين ذهبًا وورقا غير ما أعطاه من طرائف بلده فرحل، فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيء فقالت يا حاتم اتيت من عند الملك وأتينا من عند أهالينا بالفقر، فقال حاتم هلم فخذوا ما بين يدي فتوزعوه، فوثبوا إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه، فخرجت إلى حاتم طريفة جاريته فقالت له اتق الله وابق على نفسك فما يدع هؤلاء دينارًا ولا درهما ولا شاة ولا بعير فانشأ يقول:
(قالت طريفة ما تبقى دراهمنا وما بنا سرف فيها ولا خرق أن يفن ما عندنا فالله يرزقنا
ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق ما يألف الدرهم الكارئ خرقتنا إلا يمر عليها ثم ينطلق
(إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا ظلت إلى سبل المعروف تستبق)
(وقال أبو بكر الخرائطي) حدثنا على بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن يحيى العدوى حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبي مسكين يعني جعفر بن المحرر بن الوليد عن المحرر مولى أبي هريرة قال مر نفر من عبد القيس بقبر حاتم طيئ فنزلوا قريبًا منه، فقام إليه بعضهم يقال له أبو الخبيري فجعل يركض قبره برجله ويقول يا أبا جعد أقرنا، فقال له بعض أصحابه ما تخاطب من رمة وقد بليت وأجنهم الليل فناموا فقام صاحب القول فزعًا يقول يا قوم عليكم عطيكم فإن حاتما أتاني في النوم

الصفحة 165