كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب ما جاء في عبد الله بن جدعان) (عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت قلت يا رسول الله ابن جدعان (2) كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المساكين فهل ذاك نافعه؟ قال لا يا عائشة، أنه لم يقل يومًا رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين (3).
__________
وأنشدني شعرا وقد حفظته يقول: (أبا الخبيرى وأنت أمرؤ ظلوم العشيرة شنامها)
انيت بصحبك تبغي القرى لدى حفرة قد صدت هامها اتبغى لي الذئب عند الميـ
يت وحولك ظيء وأنعامها وأنا لنشبع أضيافنا وتأتي المطيء فنعتامها
قال وإذا ناقة صاحب القول تكوس عقيرًا فنحروها وقاموا يشترون ويأكلون وقالوا والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتًا، قال وأصبح القوم واردفوا صاحبهم وساروا فإذا رجل وينوه بهم راكبًا جملًا ويقود آخر فقال أيكم أبا الخبيري؟ قال أنا، قال أن حاتمًا أتاتي في النوم فأخبرني أنه قرى أصحابك ناقتك وأمرني أن أحملك وهذا بعير فخذه ودفعه إليه، وبالجملة فمآثر حاتم كثيرة يطول ذكرها فنقتصر على هذا مختصرًا من تاريخ الحافظ ابن كثير والله أعلم. (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله ابن محمد قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد قال ثنا حفص عن داود عن الشعي عن مسروق عن عائشة الخ. (2) بضم الجيم وإسكان الدال المهملة أسمه عبد الله وكان من بني تيم بن مرة أقرباء عائشة وكان من رؤساء قريش (3) (قال النووي) معنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصلة والاطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافرًا وهو معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين أي لم يكن مصدقًا بالبعث، ومن لم يصدق به كافر ولا ينفعه عمل، قال البيهقي وقد يجوز أن يكون حديث ابن جدعان وما ورد من الآيات والأخبار في بطلان خيرات الكافر إذا مات على الكفر ورد في أنه لا يكون لها موقع التخلص من النار وإدخال الجنة ولكن يخفف عنه من عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر بما فعل من الخيرات والله أعلم (تخريجه) (م) والبغوى وغيرهما وقد ترجم الحافظ ابن كثيرلابن جدعان في تاريخه فقال هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة سيد بني تيم وهو ابن عم والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان من الكرماء الأجواد في الجاهلية المطعمين للمغيثين، ركان في بدء أمره فقيرًا مملقًا وكان شريرًا يكثر من الجنايات حتى أبغضه قومه وعشيرته وأهله وقبيلته وأبغضوه حتى أبوه، فخرج ذات يوم في شعاب مكة حائرًا بائرًا فرأى شقا في جبل فظن أن يكون به شيء يؤذيه فقصده لعله يموت فيستريح مما هو فيه، فلما اقترب منه إذا بثعبان يخرج إليه ويثب عليه، فجعل يحيد عنه ويثب فلا يغني شيئًا، فلما دنا منه إذا هو من ذهب وله عينان هما ياقوتتان فكسره وأخذه ودخل الغار فإذا فيه قبور لرجال من ملوك جرهم ومنهم الحارث بن مضاض الذي طالت غيبته فلا يدري أين ذهب، ووجد عند رءوسهم لوحًا من ذهب فيه تاريخ وفاتهم ومدد ولايتهم، وإذا عندهم من الجواهر واللآليء والذهب والفضة شيء كثير فأخذ منه حاجته ثم خرج وعلم باب الغار ثم انصرف إلى قومه فأعطاهم حتى أحبوه وسادهم وجعل بطعم الناس، وكلما قل ما في يده ذهب إلى ذلك الغار فأخذ منه حاجته ثم رجع (فمن ذكر هذا) عبد الملك بن هشان في كتاب النيجان وذكره أحمد بن عمار في كتاب رى العطشان وأنس الواحش وكانت له جفنة يأكل منها الراكب كل بعيره (يعني يأكل منها وهو راكب على بعيره لعظمها وارتفاعها) ووقع فيها صغير فغرق