كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
__________
ابن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة أبو يزيد ويقال أبو وهيب ويقال أبو الحارث الكندي كان باعمال دمشق وقد ذكر مواضع منها في شعره فمن ذلك قوله،
(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل)
(فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لم نسجتها من جنوب رسمأل)
قال وهذه مواضع معروفة بحوران، ثم روى من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلى حدثني فروة ابن سعيد بن عفيف بن معد يكرب عن أبيه عن جده قال بينهما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل وفد من اليمن فقالوا يا رسول الله لقد أحيانًا الله ببيتين من شعر أمرئ القيس، قال وكيف ذاك؟ قالوا اقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق فمكثنا ثلاثا لا نقدر على الماء فتفرقنا إلى أصول طلح وسمر ليموت كل رجل منا في ظل شجرة، فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع،
ولما رأت أن الشريعة همتها وأن البياض من فرائصها دامى
تيممت العين الذي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب ومن يقول هذا الشعر وقد رأى ما بنا من الجهد؟ قال قلنا أمرؤا القيس بن حجر، قال والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحو خمسين ذراعًا فحبونا إليه على الركب فإذا هو كما قال أمرؤ القيس، عليه العرمض يفيئ عليه الظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك رجل مذكور في الدنيا منسى في الآخرة. شريف في الدنيا خامل في الآخرة. بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار اهـ (قال القرطبي) هذا الحديث وما قبله (يعني حديث الباب) يدل على أن من كان أماما دراسًا في أمر ما هو معروف به فله لواء يعرف به خيرًا كان أو شرًا: فللأ ولياء والصالحين الوية تنموية وإكرام وإفضال، كما أن للظالمين الوية فضيحة وخزي ونكال اهـ (وقال ابن عبد البر) افتتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة، وقيل لبعضهم من أشعر الناس؟ قال امرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا طرب، وزهير إذا رغب. والنابغة إذا رهب وأول شعر قاله امرؤ القيس أنه راهق ولم يقل شعرًا، فقال أبوه هذا ليس يا بني إذا لو كان كذلك لقال شعرًا، فقال لاثنين من جماعته خذاء واذهبا به إلى مكان كذا فاذبحاه، فمضيًا به حتى وصلا المحل فشرعا ليذبحاه فبكى وقال:
(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوابين الدخول فحومل)
فرجعا به إلى أبيه وقالا هذا أشعر من على وجه الأرض، قد وقف واستوقف وبكى واستبكى ونعى الحبيب والمنزل في نصف بيت: فقام إليه واعتنقه وقبله وقال أنت ابني حقًا (وفي كتاب الأوائل لأبي عروبة) أن أول من نطق بالشعر آدم لما قتل ابنه أخاه، وأول من قصد القصائد أمرؤ القيس، وقيل عبد الأحوص، وقيل مبلبل، وقيل الأفوه الأودى، وقيل غير ذلك، ويجمع بينهما بأنه بالنسبة للقائل وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل فقال:
(يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره)
(فهو لا يرضى مجال واحد قتل الإنسان ما أكفره)
وقال (اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر)
وقال (إذا زلزلت الأرض زلزلها وأخرجت الأرض أثقالها)