كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

(باب ما جاء في أمية بن أبي الصلت وشيء من شعره)
(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال على المنبر أشعر بيت (وفي رواية أصدق ببت) قالت العرب (الأكل شيء ما خلال الله باطل) وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم (عن عمرو بن الشريد عن أبيه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنشده من شعر أمية بن أبي الصلت قال فأنشده مائة قافية، قال أنشده شيئًا إلا قال إيهٍ حتى إذا استفرغت من مائة قافية قال كاد أن يسلم
__________
(تقوم الآنام على رسلها ليوم الحساب ترى حالها)
(يحاسبها ملك عادل فإما عليها وإما لها)
(وذكر الكلبي) أن أمرأ القيس أقبل برايانه بريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه فمر بنبالة بها ذو الخلصة (بضم الخاء واللام) وهو صنم، وكانت العرب تستقسم عنده فخرج القدح الناهي ثم الثانية ثم الثالثة كذلك فكسر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة وقال عضضت إبراء أبيك لو كان أبوك المقتول لما هو قتى، ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتلًا ذريعًا، قال ابن الكلبي فلم يستقسم عند ذي الخلصة حتى جاء الإسلام (وذكر بعضهم) أنه امتدح قيصر ملك الروم يتسنجده في بعض الحروب ويسترفده فلم يجد ما يؤمله عنده فهجاء بعد ذلك، فيقال إنه سقاه سما فقتله فألجأه الموت إلى جنب قبر امرأة عند جبل يقال له عسيب (وقيل) إن آخر شعر قاله امرؤ القيس أنه وصل إلى جبل عسيب وهو يجود بنفسه فنزل إلى قبر فأخبر بأنها بنت ملك فقال
(أجارتنا أن المزار قريب وإني مقيم ما أقام عسيب)
(أجارتنا إنا غريبان هاهنا وكل غريب للغريب نسيب)
(باب) (1) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب ما جاء في شعر أميه بن أبي الصلت من كتاب آفات اللسان في الجزء التاسع عشر صحيفة 277 و 278 وإنما ذكرنهما هنا لمناسبة الترجمة (قال الحافظ ابن عساكر) هو أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عزة بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هو ازن أبو عثمان ويقال أبو الحكم الثقفي شاعر جاهلي، قدم دمشق قبل الاسلام، وقيل أنه كان مستقيمًا وأنه كان في أول أمره على الإيمان زاغ عنه وأنه هو الذي أراده الله تعالى بقوله (وأتل عليهم نبأ الذين أتيناه آياتنا فنسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) أهـ وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن مسعود قال نزلت في رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعوراء، وكذا قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة، كان من علماء بني إسرائيل وكان مجاب الدعوة يقدمونه في الشدائد، بعثه نبي الله موسى إلى ملك مدين يدعوه إلى الله فأقطعه وأعطاه فتبع دينه وترك دين موسى عليه السلام (وقالت ثقيف) هو أمية ابن أبي الصلت، وقال شعبة عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو وفي قوله تعالى (وائل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) الآية قال هو صاحبكم يعني أمية بن أبي الصلت (قال الحافظ ابن كثير) وقد روى عن غير وجه عنه وهو صحيح إليه، وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه فأنه كان قد اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة ولكنه لم ينتفع بعلمه فإنه أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغته أعلامه وآياته ومعجزاته وظهرت لكل من له بصيرة، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه وصار إلى

الصفحة 169