كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
.
__________
يوحد الله ويخلع من دونه ولا يأكل ذبائح قومه، فأذاهم بالفراق لما هم فيه، قال وكان الخطاب قد أذاه أذى كثيرًا حتى خرج منه إلى أهلي مكة، ووكل به الخطاب شبابًا من قريش وسفهاء من سفهائهم فقال لا تتركوه يدخل، فكان لا يدخلها إلا سرًا منهم فإذا علموا به أخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم أو يتابعه أحد إلى ما هو عليه (وقال موسى بن عقبة) سمعت من أرضى يحدث عن زيد بن عمرو ابن نفيل أنه كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله وانزل لها من السماء ماءًا وأنبت لها من الأرض، لم تذبحوها على غير أسم الله؟ إنكار لذلك وإعظامًا له، وقال يونس ابن إسحاق وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد عزم على الخروج من مكة فضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده آذنت الخطاب بن نفيل، فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم ويسأل عنه، لم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبًا ببيعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال له الراهب انك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، لقد درس من علمه وذهب من كان يعرفه ولكنه قد أظل خروج نبي وهذا زمانه، وقد كان سام اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئًا منها، فخرج سريعًا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا كان بأرض لحم عدوا عليه فقتلوه فقالوا ورقة يرثيه بقصيدة منها
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميًا
بدينك ربًا ليس رب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وقال أبو داود الطيالسي حدثنا المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوى عن أبيه عن جده أن زيد بن عمرو وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد بن عمرو من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ فقال من بنية ابراهيم، فقال وما تلتمس؟ قال التمس الدين، قال ارجع فإنه يوشك أن يظهر في أرضك فرجع وهو يقول
لبيك حجًا حقًا، تعبدا ورقا، البر أبغى لا أنحال، فهل مهجر كمن قال
(قلت قوله لبيك حجًا حقًا تبعد ورقا: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، فمن أنس بن مالك قال كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم (لبيك حجًا حقًا تعبدا ورقا) رواه البزار مرفوعًا وموقوفًا ولم يسم شيخه في المرفوع، ومعنى قوله فهل من مهجركمن قال أي هل من سار في القائلة: وهي شدة الحر كن أقام في العائلة: ثم قال آمنت بما آمن به إبراهيم وهو يقول.
إنني لك عان راغم ... مهما تجشمني فإني جاشم
ثم يخر فيسجد، قال وجاء ابنه يعني سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه فقال يا رسول الله أن أبي كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له، قال نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة (وقال محمد ابن سعد) حدثنا محمد بن عمرو وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن موسى بن ميسرة عن ابن أبي مليكة عن حجر بن إهاب قال رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة بعد ما رجع من الشام وهو يراقب الشمس فإذا زالت استقبل فصلى ركعة سجدتين ثم يقول هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل لا أعبد حجرًا ولا أصلي له ولا آكل ما ذبح ولا أستقسم الأزلام، وإنما أصلي لهذا البيت حتى أموت، وكان يحج فيقف