كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
(تتمة في صفة مولده الشريف مما لم يذكر في مسند الإمام أحمد رحمه الله)
تقدم أن عبد المطلب لما ذبح تلك الأبل المائة ولده عبد الله حين كان نذر ذبحه فسلمه الله تعالى لما كان قدر في الأزل من ظهور النبي الأمي خاتم الرسل وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم من صلبه فذهب فزوجه أشرف عقيلة في قريش آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية فحين دخل بها أفضى إليها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أم قتال رقيقة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل أو سمت ما كان بين عيني عبد الله قبل أن يجامع آمنة من النور فودت أن يكون ذلك متصلًا بها لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وأنه قد أزف زمانه فعرضت نفسها عليه: قال بعضهم ليتزوجها وهو أظهر فامتنع عليها، فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها كأنه تندم على ما كانت عرضت عليه فتعرض لها لتعاوده، فقالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك حاجة، وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب أنه كائن في هذه الأمة نبي فطمعت أن يكون منها فجعله الله تعالى في أشرف عنصر وأكرم محتد وأطيب أصل كما قال تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته)، والمقصود أن أمه حين حملت به توفى أبوه عبد الله وهو حمل في بطن أمه على المشهور (قال محمد بن سعد) حدثنا محمد بن عمر هو الواقدى حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي وحدثنا سعيد بن أبي زيد عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة في عير من غير قريش يحملون تجارات ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض فقال أتخلف عند إخوالى بن عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضًا شهرًا ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن أبنه عبد الله، فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفى ودفن في دار النابغة، فرجع إلى أبيه فأخبره فوجد عليه عبد المطلب وأخوته واخواته وجدًا شديدًا، ورسول الله يومئذ حمل ولعبد الله بن عبد المطلب يوم توفى خمس وعشرون سنة، قال الواقدى هو أثبت الأقاويل في وفاة عبد الله وسنة عندنا (وقال محمد بن إسحاق) فكانت آمنة بنت وهب تحدث أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدًا، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام، ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هلك وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل (وروى الواقدي) من عدة طرق عن كثير من الصحابة والتابعين أن آمنة بنت وهب قالت لقد علقت به تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وجدت له مشقة حتى وضعته فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع إلى الأرض معتمدًا على يديه ثم أخذ قبضة من التراب فقبضها ورفع رأسه إلى السماء، وقال بعضهم وقع جاثيًا على ركبتيه وخرج منه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رؤيت أعناق الأبل ببصرى رافعًا رأسه إلى السماء. وروى البيهقى في الدلائل بسنده عن عثمان بن أبي العاص حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته قالت فما شيء أنظره في البيت إلا نور، وأني انظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول ليقعن علي، وذكر القاضي عياض عن الشفا أم عبد الرحمن بن عوف أنها كانت قابلته وأنها أخبرت به حين سقط على يديها واستهل سمعت قائلًا يقول يرحمك الله، وأنه سطع منه نور رؤيت منه

الصفحة 183