كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
__________
إبلا صعابا تقود خيلًا عرابًا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك فتصبر عليه تشجعًا ثم رأي أنه لا يدخر ذلك عن مرازبته فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا لا، إلا أن يخبرنا الملك، فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران فازداد غمًا إلى غمه ثم أخبرهم بما رأى وماهاله، فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا ثم قص عليه رؤياه في الأبل، فقال أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ قال حدث يكون في ناحية العرب وكان أعلمهم من أنفسهم، فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح ابن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني، فلما ورد عليه قال له الملك ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ فقال لتخبرني أو ليسألني الملك عما أحب فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلم فأخبره بالذي وجه به إليه فيه، قال علم ذلك عند خال لي يسكن شارف الشام يقال له سطيح، قال فأته فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره، فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح وقد اشفى على الضريح فسلم عليه وكلمه فلم يرد إليه سطيح جوابًا فاستحثه بشعر قاله، فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه: يقول عبد المسيح على جمل مشيح. أتى سطيح وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الايوان وخمود النيران، وؤويا الموبذان رأى ابلا صابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانشترت في بلادها، يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة. وظهر صاحب الهراوة. وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوه، وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت، ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى راحلته، فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخربه بما قال له سطيح، فقال كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكًا كانت أمور وأمور: فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه، ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن محمد بن إدريس عن علي ابن حرب الموصلي بنحوه (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) كان آخر ملوكهم الذي سلب منه الملك يزدجر بن شهربار بن ابرويز بن هرمز بن أنو شروان وهو الذي انشق الايوان في زمانه، وكان لأسلافه في الملك ثلاثة آلاف سنة ومائة وأربعون وستون سنة، وكان أول ملوكهم خيومرت بن أميم ابن لاوذ بن سام بن نوح (فصل في أخبار سطيح ونسبة وصفته ومدة عمره ورفاته) (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) أما سطيح هذا فقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه هو الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن الأزد، ويقال الربيع بن مسعود وأمه ردعا بنت سعد بن الحارث الحجورى، وذكر غير ذلك في نسبه، قال وكان يسكن الجابية، ثم روى عن أبي حاتم السجستاني قال سمعت المشيخة منهم أبو عبيدة وغيره قالوا وكان من بعد لقمان بن عاد ولد في زمن سيل العرم، وعاش إلى ملك ذي نواس وذلك نحو من ثلاثين قرنًا وكان مسكنه البحرين، وزعمت عبد القيس أنه منهم، وتزعم الأزد أنه منهم، وأكثر المحدثين يقولون هو الأزد ولا ندرى ممن هو غير أن ولده يقولون أنه من الأزد (وروى عن ابن عباس) أنه قال لم يكن شيء من بني أدم يشبه سطحيًا إنما كان لحمًا على وضم ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعينيه وكفيه، وكان يطوي كما يطوي الثوب من رجليه إلى عنقه ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه، وقال غيره أنه كان إذا غضب