كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
الرضعاء في سنة شهباء (أى مجدبة) فقدمت على أتان لى ومعي صبي لنا وشارف لنا (اى ناقة مسنة) والله ما تبض بقطرة (اى ماتدر قطرة لبن) وما ننام ليلنا ذلك اجمع مع صبينا ولا نجد ثدييى ما يغذيه ولا في شارفنا ما يغذيه، فقدمنا مكة فهو الله ما علمت منا امرأة الا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنأباه إذ قيل إنه يقيم من الأب، فهو الله ما بقى من صواجي امرأة الا أخذت رضيعًا غيره، فلما لم اجد غيره قلت لزوجي أني لأكره أن أرجع من بين صواحباتي وليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، فذهبت فإذا به مدرج في ثوب صوف أبيض من اللبن يفوح منه المسك وتحته حريرة خضراء راقدًا على قفاه يغط، قأشفقت أن أوقظه من نومه لحسنه وجماله قدنوت منه رويدًا فوضعت يدى على صدره فتبسم ضاحكًا، ففتح عينيه ينظر إلى فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر، فقبلته بين عينه وأعطيته ثديى الأيمن فأقبل عليه بما شاء من لبن، فحولته إلى الأيسر فأبى، وكانت تلك حاله بعد حمالت فروى وروى أخوه، أخذته فما هو الا أن جئت به الى رحلى فا تقبل عليه ثدياى بما شاء الله من لبن فنشرب حتى روى وشرب أخوه حتى روى، فقام صاحبي تعنى زوجها إلى شارفنا تلك فإذا فيها لحافل، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا وبتنا بخير ليلة، فقال صاحى ياحليمة إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة. ألم ما بتتا به الليلة من الخير والبركة حين أخذنا، فلم يزل الله يزيدنا خيرًا. قالت حليمة فودعت أم النبي صلى الله عليه وسلم ثم ركبت أتاني وأخذته بين يدى فسبقت دواب الناس الذين كانوا معي وهم يتعجبون منها، ثم قدمنا منازل بنى سعد ولا أعلم أرضا من أرض الله أجذب منها. وكانت غنمى تروح على حين قدمنا شباعا لبنًا فنحلب ونشرب وما يحلب انسان قطرة ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضر من قومنا لرعايتهم اسرحوا حيث يسرح راعي غنم بنت أبى ذؤيب فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن، وتروح أغنامي شباعًا لبنًا، فلم نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان (وفي رواية) كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا (يقال استجفر الصبي إذا قوى على الأكل) قالت فقدمنا به على امه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة. قالت فلم نزل بها حتى ردته معنا، قالت فرجعنا به فهو الله إنه بعد مقدمنا باشهر مع أخيه لنا خاف بيوتنا إذا أتانا أخوه يشند فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشى قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه (أى يحركانه) قالت فخرجت أنا وأيوه نحوه فوجدناه قائمًا منتقعًا وجهه قالت فالتزمته والتزمته أبوه فقلنا له مالك بابني؟ قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا شيئًا لا أدري ما هو. قالت فرجعنا إلى خيامنا قالت
وقال لي ابوه ياحليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فالحقيه بامله قبل أن يظهر ذلك به قالت فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت به ياظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى مكمئه عندك؟ قالت نعم قد بلغ الله با بنى وقضيت الذي على وتخوفت الأحداث عليه فقلت يكون في أهله. فقالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت تدعني حتى أخبرتها، قالت اتخوفت على الشيطان؟ قالت قلت نعم، قالت كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لا بنى شأنًا أفلا أخبرك خبره؟ قالت بلى، قالت رأيت حين حملت به أنه يخرج مني نور أضاء لي به بصرى من أرض الشام، ثم حملت به فهو الله ما رأيت من حمل

الصفحة 193