كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

(باب شق صدره الشريف للمرة الثانية وهو ابن عشر سنين واشهر) (ز) (عن أبى بن كعب) (1) أن أبا هريرة رضي الله عنه كان جريئًا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنهما غيره، فقال يارسول الله ما أول ما رأيت في أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وقال لقد سألت أبا هريرة (2)، أنى لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر (3) وإذا بكلام فوق برأسي وإذا رجل يقول لرجل أهو هو؟ قال نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أراها لخلق قط وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أراها على أحد قط، فأقبلا الى يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدى لا أجد
__________
عليه من النفع المباح من كتاب الاجارة في الجزء الخامس عشر ص 127 رقم 405 و 406 فارجع إليه (قال العلماء) الحكمة في إلهام الأنبياء من رعىي الغنم قبل النبوة أن يجعل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم: ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة، لأنهم إذا اصبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ونقلها من مسرح الى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها الى المعاهدة ألفوا من ذلك الصبر على الأمة وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا بضعيفها وأحسنوا التعاهد لها فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك يرعى الغنم، وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقوا أكثر من تفرق الإبل والبقر لا مكان ضبط الابل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرقها فهى أسرع انقيادًا من من غيرها، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أكرم الخلق على الله ما كان عليه من عظيم التواضع لربه والتصريح يمننه عليه وعلى اخوانه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء (قال السهيلى) وذكر ابن اسحاق قول النبي صلى الله عليه وسلم ما من نبي الاوقد رعى الغنم، قيل وأنت يا رسول الله؟ قال وانا، وانما أراد ابن اسحق بهذا الحديث رعايته الغنم في بتى سعد مع أخيه من الرضاعة وقد ثبت في الصحيح أنه رعاها أيضاً على قراريط مكة ذكره البخاري، وذكر البخاري عنه أيضًا انه قال ما هممت بأمر من أمر الجاهلية الا مرتين وروى ان إحدى المرتين كان في غنم يرعاها هو وغلام من قريش فقال لصاحبه أكفنى امر الغنم حتى آنى مكة وكان بها عرس لهو وزمر، فلما دنا من الدار ليحضر ذلك ألقى عليه النوم فيها فنام حتى ضربته الشمس عصمة من الله له، وفي المرة الآخرة قال لصاحبه مثل ذلك والقى عليه النوم فيها كما القى في المرة الاولى: ذكر هذا المعنى ابن اسحاق في غير رواية البكائى (ز) (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الرحميم ابو يحيى البزاز ثنا يونس بن محمد ثنا معاذ بن محمد بن ابى بن كعب حدثنى أبى محمد بن معاذ عن معاذ عن محمد عن ابى بن كعب الخ (غريبه) (2) أى يا أبا هريرة منادى حذف منه حرف النداء (3) (قال في المواهب) وروى الشق أيضًا وهو ابن عشر أو نحوها مع قصة له مع عبد المطلب أبو نعيم في الدلائل، قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب (او نحوها) يعنى اشهرا كما في الزوائد وهى المرة الثانية وقد جزم بها الحافظ في كتاب التوحيد، قال العلامة الزرقانى قال الشامي والحكمة فيه أن العشر قريب من سن التكليف فشق قلبه وقدس حتى لا يتلبس بشيء مما

الصفحة 195