كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب ما جاء في مرض أبي طالب ووفاته ودفنه وما ورد فيه) (عن ابن عباس)
__________
إلى أبي طالب فدخلوا معه فى شعبه الا أبا لهب فكان مع قريش فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا وكان لا يصل اليهم شئ إلا سرّا اهـ وقد أشار صاحب بهجة المحافل الى حديث الباب فقال وفى الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام حجة الوداع مرجعه من منى منزلنا إن شاء الله غدا بخيف بنى كنانة حيث تقاسموا على الكفر وهو المحصب والأبطح وهو شعب أبى طالب المذكور، وفى نزوله صلى الله عليه وسلم حينئذ فيه وذكره لما جرى به اشارة الى الظهور بعد الخمول وامتثال لما أمر به من التحدث بالنعم، وفى ذلك الشكر لمنعمها، ولما رأى أبو طالب ما أجمعوا عليه من القطع والقطيعة قال فى ذلك فذكر له قصيدة طويلة يمدح فيها النبى صلى الله عليه وسلم ويحذر قريشا من البغى وقيام حرب بينهما بسبب ذلك اقتصرت منها على هذين البيتين طلبا للاختصار قال:
الا بلغاغى علىّ ذات بيننا __________ لؤيا وخصا من لؤى بنى كعب
ألم تعلموا انا وجدنا محمدا __________ نبيا كموسى خط فى اللوح والكتب
وقال فى أخرى
أطاعوا ابن المغيرة وابن حرب __________ كلا الرجلين متهم مليم
وقالوا خطة حمقا وجورا __________ وبعض القول أبلج مستقيم
لتخرج هاشم لتصير منها __________ بلاقع بطن مكة والحطم
ولما أراد الله سبحانه وتعالى حل ما عقدوه ونقض ما أبرموه وذلك لقريب من ثلاث سنين من حين كتبت الصحيفة، اجتمع خمسة نفر من سادات قريش عند خطيم الحجون (خطيم) بمعجمة فمهملة أى طرف (الحجون) بمهملة مفتوحة بعدها جيم موضع أعلى مكة اجتمعوا ليلا وتعاقدوا على نقض الصحيفة وهتكها، وهم هشام بن عمرو العامرى وهو الذى تولى كبر ذلك وأبلى فيه وسعى الى كل منهم وزهير بن أمية المخزومى وهو تلوه فى العنية وامه عاتكة بنت عبد المطلب والمطعم بن عدى النوفلى وابو البخترى بنهشام وزمعة بن الاسود الاسدى نظم اسماءهم شارح بهجة المحافل رحمه الله تعالى فقال
تمالى على نقض الصحيفة يا فتى __________ هشام بن عمرو العامرى فاحفظ النظما
يليه زهير وهو نجل حذيفة __________ كذا المطعم التالى الى نوفل ينمى
أبو البتخرى ثم ابن الاسود زمعة فهم خمسة ما أن لهم سادس ينمى
ولما أصبحوا من ليلتهم جاء زهير فطاف بالبيت ثم قال يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة، فقال له أبو جهل كذبت والله، فقال له زمعة ابن الأسود وانت والله أكذب ما رضينا كتابتها حيث كتبت، وقال الآخرون مثله، فقال أبو جهل هذا أمر قضى بليل تشوّر فيه بغير هذا المكان، ثم قام المطعم إلى الصحيفة فشقها فوجد الأرضة قد أكلت جميعها إلا ما كان فيه اسم الله، وكان قبل ذلك قد أخبر جبريل النبى صلى الله عليه وسلم بفعل الأرضة بها وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب واخبرهم ابو طالب ووجدوه كما ذكر لهم فلم يؤثر ذلك فيهم لقسوتهم (وفى السنة التاسعة من البعث) خرج النبى صلى الله عليه وسلم هو وأهله من حصار الشعب بعد نقض الصحيفة بتهالئ النفر الخمسة على نقضها حسبما تقدم (باب) (1) (عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم