كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب ما جاء في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لما اشتد عليه ايذاء قريش بعد موت عمه أبى طالب مستنجدًا وردهم عليه أسوأ ردّ) (عن عبد الرحمن بن خالد العدوانى) عن ابيه انه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها، (ومما اختصت به) سبقها نساء هذه الأمة الى الايمان فسنت ذلك لكل من آمنت بعدها فيكون لها مثل أجرهن، لما ثبت أن من سن سنة حسنة الحديث وقد شاركها فى ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة الى الرجال، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك الا الله عز وجل (قال النووى) فى هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيًا وميتًا واكرام معارف ذلك الصاحب والله أعلم (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) وقد روى الحافظ أبو الفرج بن الجوزى بسنده عن ثعلبة بن صعير وحكيم بن حزام أنهما قالا لما توفى أبو طالب وخديجة وكان بينهما خمسة أيام اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتان ولزم بيتة وأقل الخروج ونالت منه قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك ابا لهب فجاءه فقال يا محمد امض لما ردت، ما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا فاصنعه، لا واللات لا يوصل اليك حتى أموت، وسب ابن الغيطلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو لهب فنال منه فولى يصيح يا معشر قريش صبأ أبو عتبة فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبى لهب فقال ما فارقت دين عبد المطلب ولكنى أمنع ابن أخى أن يضام حتى يمضى لما يريد، فقال لقد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أياما يأتى ويذهب لا يعرض له أحد من قريش وهابوا أبا لهب إذ جاء عقبة بن أبى معيط وأبو جهل الى أبى لهب فقالا له اخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك؟ فقال له أبو لهب يا محمد اين مدخل عبد المطلب؟ قال مع قومه، فخرج اليهما فقال قد سألته فقال مع قومه، فقالا يزعم أنه فى النار، فقال يا محمد أيدخل عبد المطلب النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مات على مامات عليه عبد المطلب دخل النار، فقال أبو لهب لعنه الله والله لا برحت لك الا عدوا أبدا وأنت تزعم أن عبد المطلب فى النار، واشتد عند ذلك ابو لهب وسائر قريش عليه، ثم اجتر أسفهاء قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونالوا منه ما لم يكونوا يصلون اليه ولا يقدرون عليه، كما قد (رواه البيهقى) بسنده عن عبد الله بن جعفر قال لما مات أبو طالب عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا، فرجع إلى بيته فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكى، فجعل يقول أى بنية لا تبكين فان الله مانع أباك، ويقول ما بين ذلك ما نالت قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ثم شرعوا، وقد رواه زياد البكائى عن محمد بن اسحاق عن هشام بن عروة مرسلا والله أعلم (وذكر ابن اسحاق) أن النفر الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوار المنزل لم يسلم منهم أحد الا الحكم بن أبى العاص مع أن اسلامه كان مضطربا، فكان مدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلى ويطرحها فى برمته اذا تصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرًا يستتر به منهم اذا صلى، وكان اذا طرحوا عليه ذلك خرج به على عود وقال يا بنى عبد مناف أى جوار هذا؟ ثم يلقيه اهـ (قال فى بهجة المحافل) وجميع ذلك انما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته ليناله حظه من البلاء وليحقق فيه مقام الصبر الذى أمر به كما صبر أولوا العزم من الرسل الأنبياء ومع ذلك فكل من قومه قد كان حريصا على الفتك به واستئصاله والفراغ منه لا يقدر على ذلك، فسبحان من كفاه ووقاه وآواه وأظهر دينه على الآيات كلها وأسماه (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله بن محمد