كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(أبواب قصة الإسراء والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم)
(باب ما ورد فى ذلك عن انس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما)
(حدّثنا عفان) قال ثنا همام بن يحيى قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك رضي الله عنه ان مالك بن صعصعه رضي الله عنه حدثه أن نبى الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حدثهم
__________
وأسلم، ولما نزل نخلة وهو موضع على ليلتين من مكة صرف اليه سبعة من جن نصيين وكان صلى الله عليه وسلم قد قام فى جوف الليل يصلى فاستمعوا له وهو يقرأ سورة الجن، والذى آذنه بهم شجرة، وفى طريقه هذه دعا صلى الله عليه وسلم بالدعاء المشهور (اللهم انى أشكوا اليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين، الى من تكلنى الى عدو بعيد يتجهمنى أم الى صديق قريب ملكته أمرى، إن لم تكن غضبانا على فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أضاءت له السموات وأشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ان ينزل بى غضبك أو يحل بى سخطك ولك العتبى (أى أطلب رضاك) حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك: ثم انتهى الى حراء يريد دخول مكة: فقال له زيد بن حارثة كيف تدخل عليهم وهم قد أخرجوك؟ فقال يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله مظهر دينه وناصر نبيه. وبعث عبد الله بن الأريقط الى الأخسر بن قيس ليجيره، فقال أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث الى سهيل بن عمرو فقال ان بنى عامر لا تجير على بنى كعب، فبعث الى المطعم بن عدى فأجابه فدخل صلى الله عليه وسلم مكة فبات عنده فلما أصبح تسلح المطعم هو وبنوه وهم ستة أو سبعة، فقالوا له صلى الله عليه وسلم طف: واحتبوا بحمائل سيوفهم بالمطاف فقال أبو سفيان للمطعم امجير أم تابع؟ قال بل مجير، قال اذا لا تخفر، قد أجرنا من أجرت، فقضى صلى الله عليه وسلم طوافه وانصرفوا معه الى منزله، ذكر ابن اسحاق هذه القصة مبسوطة وأوردها الفاكهى باسناد طوافه وانصرفوا معه الى منزله، ذكر ابن اسحاق هذه القصة مبسوطة وأوردها الفاكهى باسناد حسن مرسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم فى أسارى بدر لو كان المطعم بن عدى حيا ثم كلمنى فى هؤلاء النِّتنى لتركتهم له ثم كانت الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة الى بيت المقدس ثم عرجوه الى السماوات واليك ما ورد فى ذلك (باب) (1) قال العلماء ولستة اشهر من الثانية عشرة بعد البعث وقبل الهجرة بسنة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بورحه وجسده يقظة من المسجد الحرام الى بيت المقدس ثم الى السماوات العلى، قاله مقاتل وغيره وجزم به النووى (وفى شرح مسلم للنووى) أنه كان ليلة الاثنين سبع وعشرين من شهر ربيع الأول وكذلك فى فتاواه، وفى سيرة الروضة أنه كان فى رجب، وقال غيره فى رمضان، واختلف هل كان بروحه وجسده يقظة أو بروحه فقط مناما، مع اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء وحى، واختلافهم بحسب اختلاف الروايات فى ذلك والصحيح الأول أنه كان بالروح والجسد، وطريقة الجمع بينهما أن يقال كان ذلك مرتين أولاهما منا ما قبل الوحى كما فى حديث شريك، ثم أسرى به يقظة بعد الوحى تحقيقا لرؤياه كما رأى صلى الله عليه وسلم فتح مكة قبل عام الحديبية سنة ستة من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان، ونزل فى ذلك قوله تعالى {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق الآية} والله أعلم: أنظر تفسير قوله تعالى {وما جعلنا الريا التى أريناك إلا فتنة للناس} من سورة الاسراء فى الجزء الثامن عشر صحيفة 193