كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

صعق فأتاه فنعشه ومسح البزاق عن شدقيه (عن أبى عبيدة عن أبى موسى) (يعنى الأشعرى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغى له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره، ثم قرأ أبو عبيدة
__________
سد عظم خلقه ما بين السماء والأرض اخذا من الحديث السابق (1) أى غشى عليه وسقط على الأرض وقوله (فأتاه) يعنى جبريل عليه السلام (فنعشه) أى أقامه ورفعه من مكانه وانما حصل ذلك النبى صلى الله عليه وسلم لأنه رأى منظرا هائلا لم يعهده، والظاهر ان هذه هى المرة الأولى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى ورجالهما ثقات (2) (عن أبى عبيدة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب عظمة الله تعالى من كتاب التوحيد فى الجزء الأول صحيفة 39 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 10 فارجع اليه (وقوله حجابه النار) جاء فى رواية لمسلم حجابه النور، وله فى أخرى حجابه النار كما هنا، وهو حديث صحيح اخرجه مسلم وابن ماجه وهذا الحديث يفيد انه لا يمكن لمخلوق أن يرى الله عز وجل فى الدنيا، وكذلك حديث عائشة وأبى ذر، وذلك يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة المعراج، لكن حديث ابن عباس يؤيد الرؤية لهذا اختلفت أنظار العلما، (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه واختلفوا فى الرؤية فقال بعضهم رآه بفؤاده مرتين، قاله ابن عباس وطائفة، واطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد، وممن أطلق الرؤية أبو هريرة واحمد بن حنبل رضي الله عنهما وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين واختراه ابن جرير وبالغ فيه وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين وممن نص على الرؤية بعينى رأسه الشيخ أبو الحسن الأشعرى فبما نقله السهيلى عنه واختاره الشيخ أبو زكريا النووى فى فتاويه (وقالت طائفة) لم يقع ذلك لحديث أبى ذر فى صحيح مسلم (قلت يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال نورٌ انَّى أراه وفى رواية (رأيت نورًا) قالوا ولم يكن رؤية الباقى بالعين الفانية: ولهذا قال الله تعالى لموسى فيما روى فى بعض الكتب الإلهية يا موسى إنه لا يرانى حى الا مات ولا يلبس الا تدهده، والخلاف فى هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف والله أعلم اهـ (قال الامام النووى) رحمه الله وأما رؤية الله تعالى فى الدنيا فقد قدمنا أنها ممكنة، ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين وغيرهم أنها لا تقع فى الدنيا، وحكى الامام أبو القاسم القشيرى فى رسالته المعروفة عن الامام أبى بكر بن فورك أنه حكى فيها قولين للامام أبى الحسن الأشعرى احدهما وقوعها والثانى لا تقع والله أعلم
(فصل فى تلخيص ابواب قصة الاسراء والمعراج من تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله)
قال رحمه الله تعالى عقب الأحاديث التى أوردها فى قصة الاسراء والمعراج لمناسبة قوله عز وجل (سبحان الذى اسرى بعبده الآية) قال (فصل) واذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها يحصل مضمون ما اتفقت عليه من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وأنه مرة واحد وإن اختلفت عباراة الرواة فى ادائه أو زاد بعضهم فيه، او نقص منه، فان الخطأ جائز على من عدا الانبياء عليهم السلام، ومن جعل من الناس كل رواية خالفت الاخرى مرة على حدة فأثبت اسراءات متعددة فقد ابعد واغرب، وهرب الى غير مهرب ولم يتحصل على مطلب: وقد صرح بعضهم من المتأخرين بأنه عليه السلام اسرى به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط ومرة من مكة الى السماء فقط، ومرة

الصفحة 261