كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

{نودي أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين} (باب رجوعه صلى الله عليه وسلم بعد الاسراء والمعراج إلى مكة وإخبار قريش بما رآى وتكذيبهم اياه) (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كانت ليلة أسرى بى وأصبحت بمكة فظعت أمرى وعرفت أن الناس مكذبيّ فقعد معتزلا حزينا، قال فمر عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس اليه فقال له كالمستهزئ هل كان من شئ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، قال ما هو؟ قال إنه أسرى به الليلة، قال الى أين؟ قال الى بيت المقدس، قال ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال نعم، قال فلم
__________
إلى بيت المقدس ومنه الى السماء وفرح بهذا المسلك وانه قد ظفر بشئ يخلص به من الاشكالات، وهذا بعيد جدًا ولم ينقل هذا عن احد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد لاخبر النبى صلى الله عليه وسلم به أمته ولنقله الناس على التعدد والتكرر، قال موسى بن عقبة عن الزهرى كان الاسراء قبيل الهجرة بسنة وكذا قال عروة، وقال السدى بستة عشر شهرا، والحق أنه عليه السلام أسرى به يقظة لامناما من مكة الى بيت المقدس راكبا البراق فلما انتهى الى باب المسجد ربط الدابة عند الباب ودخله فصلى فى قبلته تحية المسجد ركعتين، ثم أتى بالمعراج وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها فصعد الى السماء الدنيا ثم الى بقية السماوات السبع فتلقاه من كل سماء مقربوها وسلم على الانبياء الذين فى السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم حتى مر بموسى الكليم فى السادسة وابراهيم فى السابعة، ثم جاوز منزلتيهما صلى الله عليهما وعلى سائر الأنبياء حتى انتهى الى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام أى أقلام القدر بما هو كائن، ورآى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة وغشيتها الملائكة، ورآى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق، ورأى البيت المعمور وابراهيم الخليل بانى الكعبة الأرضية مسندا ظهره اليه لأنه، الكعبة السماوية، يدخله كل يوم سبعون الفا من الملائكة يتعبدون فيه ثم لا يعودون اليه الى يوم القيامة، ورأى الجنة والنار وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين ثم خففها الى خمس رحمة منه ولطفا بعباده: وفى هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها، ثم هبط الى بيت المقدس وهبط معه الانبياء فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة، ويحتمل أنها الصبح من يؤمئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم فى السماء. والذى تظاهرت به الروايات انه ببيت المقدس، ولكن فى بعضها انه كان اول دخوله اليه، والظاهر انه بعد رجوعه اليه لانه لما مر بهم فى منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحدا واحدا وهو يخبره بهم، وهذا هو اللائق لأنه كان اوّلا مطلوبا الى الجناب العلوى ليفرض عليها وعلى امته ما يشاء الله تعالى، ثم لما فرغ من الذى اريد به اجتمع به هو واخوانه من النبيين ثم اظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه فى الامامة وذلك عن اشارة جبريل عليه السلام له فى ذلك، ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد الى مكة بغلس، واما عرض الآنية عليه من اللبن والعسل او اللبن والخمر او اللبن والماء أو الجميع فقد ورد انه فى بيت المقدس وجاء انه فى السماء ويحتمل ان يكون ها هنا وها هنا لانه كالضيافة للقادم والله اعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وروح المعنى قالا حدثنا عوف عن زرارة بن اوفى عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بكسر الظاء المعجمه وسكون العين المهملة اى اشتد على وهبته (3) قال فى المصباح وهو نازل بين ظهرانيهم بفتح

الصفحة 262