كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا له يا أبا جابر انك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه ان تكون حطبا للنار غدا: ثم دعوته الى الاسلام وأخرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا، قال فنمنا تلك الليلة مع قومنا فى رحالنا حتى اذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا فى الشعب عن دالعقبة ونحن سبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائهم: نسيبة بنت كعب أم عمارة احدى نساء بنى مازن بن النجار واسماء بنت عمرو بن عدى بن ثابت احدى نساء بنى سلمة وهى أم منيع، قال فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه احب ان يحضر امر ابن اخيه ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب اول متكلم فقال يا معشر الخزرج، قال وكانت العرب مما يسمون هذا الحى من الانصار الخزرج أوسها وخزرجها: إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه وهو فى عز من قومه ومنعة فى بلده قال فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت، قال فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا الى الله عز وجل ورغّب فى الاسلام قال أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم: قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أهل الحروب
__________
(1) بكسر الشين وسكرن المهملة قال الجوهرى الطريق فى الجبل، وقال غيره ما انفرج بن جبلين فهو شعب والجمع شعاب، والشعب بالفتح ما انقسمت فيه قبائل العرب والجمع شعوب (وقوله عند العقبة) بالتحريك وهو الجبل الطويل قال ياقوت العقبة التى بويع فيها النبى صلى الله عليه وسلم بمكة فهى عقبة بين منى ومكة، بينها وبين مكة نحو ميلين وعندها مسجد ومنها ترمى جمرة العقبة (2) قال السهيلى هى امرأة زيد بن عاصم شهدت بيعة العقبة وبيعة الرضوان وشهدت يوم اليمامة وباشرت القتال بنفسها وشاركت ابنها عبد الله فى قتل مسيلة فقطعت يدها وجرحت اثنا عشر جرحا ثم عاشت بعد ذلك دهرا، وكان الناس يأتونها بمرضاهم فتمسح بيدها الشلاء على العليل وتدعوا له، فقل ما مسحت بيدها ذا عاهة إلا برئ (قال السهيلى) يروى أن أم عمارة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى كل شئ إلا للرجال وما أرى للنساء شيئا فأنزل الله تعالى {ان المسلمين والمسلمات الآية} (قلت) جاء عند الامام احمد ان القائلة ذلك هى أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها، انظر باب (إن المسلين والمسلمات) من سورة الأحزاب فى الجزء الثامن عشر من الفتح الربانى صحيفة 238 رقم 384 (وروى البغوى) عن مقاتل قالت أم سلمة بنت أبى أمية وشيبة بنت كعب الأنصارية للنبى صلى الله عليه وسلم ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء فى شئ من كتابه تخشى ان لا يكون فيهن خير، فنزلت هذه الآية (إن المسلمين والمسلمات الخ) وقيل أسماء بنت عميس هى القائلة، ولا منافاة فيحتمل انهن اشتركن فى ذلك والله أعلم (3) بضم الهمزة والزاى وفتح ما بعدهما واحده ازار يذكر ويؤنث أراد نساءنا والعرب تكنى عن المرأة بالإزار وتكنى أيضا بالازار عن النفس وتجعل الثوب عبارة عن لابسه كما قال (رموها بأثواب