كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان فخرج من كان مهاجرا قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر الى أرض الحبشة من المسلمين وتجهرز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فانى ارجو ان يؤذن لى، فقال أبو بكر وترجو ذلك بأبى أنت وأمى؟ قال نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده من ورق السمر أربعة اشهر قال الزهرى قال عروة قالت عائشة فبينا نحن يومًا جلوسا فى بيتنا فى نحر الظهيرة قال قائل لأبى بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا فى ساعة لم يكن ياتينا فيها، فقال أبو بكر فداء له أبى وأمى أن جاء به فى هذه الساعة إلا أمر؟ فجاء رسول الله
__________
بعد قوله فقال أبو بكر أخرجنى قوى قال فاريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى، قال ابن الدغنة فان مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج انك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فانا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل معه أن الدغنه فطاف ابن الدغنة عشية فى اشراف قريش فقال لهم أن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالو لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل فيها وليقرأ ما يشاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعان به فانا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعان بصلاته ولا يقرء فى غير داره، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرء القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وابناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون اليه، وكان ابو بكر رجلا بكاءا لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، وافزع ذلك أشراف قريش من المشركين فارسلوا الى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا انا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وانا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فان أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعال: وان أن الا أن يعلن بذلك فله أن ير د اليك ذهنك فانا قد كرهنا أن تخفرك ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان، قالت عائشة فأتى ابن الدغنة الى أبى بكر فقال قد علمت الذى عاقدت لك عليه، فاءما ان تقتصر على ذلك وإما أن ترجع الىّ ذمتى فانى لا أحب أن تسمع العرب انى أخفرت فى رجل عقدت له، فقال أبو بكر فانى أرد اليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل، والنبى يومئذ بمكة فقال النبى صلى الله عليه وسلم إنى أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين الحديث كما هنا (1) هى الأرض التى تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبك إلا بعض الشجر (2) تثنية لابة بتخفيف الموحدة واللابة الحرة وهى الأرض ذات الحجارة السود والجمع لاب وفى الحديث حرم ما بين لابنيها لأن المدينة بين حرتين وقوله وهما حر تان من كلام الزهرى (3) بكسر الراء وسكون المهملة أى على مهلك ولابن حبان فقال اصبر (4) متعلق بمحذوف تقديره أفديك بابى انت وأمى وقوله (الحبس ابو بكر نفسه) أى منع ابو بكر نفسه من الهجرة الا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) بفتح المهملة وضم الميم قال الزهرى (وهو الخبط) بفتح الخام المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر (6) أول الزال عند شدة الحار (7) أى مغطيا رأسه (8) معناه ماجاء به فى هذه الساعة إلا أمر حدث

الصفحة 280