كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

الهجرة فقال ويحك إن الهجرة شأنها شديد فهل لك من ابل؟ قال نعم، قال هل تؤدى صدقتها؟ قال نعم، قال هل تمنح منها قال نعم، قال هل تحلبها يوم وردها قال نعم، قال فاعمل من وراء البحار فان الله لن يترك من عملك شيئا (عن أبى البخترى الطائى) عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لما نزلت هذه السورة {اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس} قال قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها وقال الناس حيز، وأنا وأصحابى حيز وقال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونبة، فقال له مروان كذبت وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت وهما قاعدان معه على السرير فقال ابو سعيد لو شاء هذان لحدثاك ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فسكتا فرفع مروان عليه الدرة ليضربه فلما رأيا ذلك قالا صدق
__________
أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (1) المراد بالهجرة التى سأل عنها هذا الأعرابى ملازمة المدينة مع النبى صلى الله عليه وسلم وترك أهله ووطنه فخاف النبى صلى الله عليه وسلم أن لا يقوى لها ولا يقوم بحقوقها ولمن ينكص على عقبيه فقال (ويحك) الخ وويح كلمة ترحم وتوجع وقد تأتى بمعنى المدح والتعجب (2) أى أمر هاشاق يوشك أن لا طيقه قاله صلى الله عليه وسلم اشفاقًا على الأعرابى ورحمه له (وكان بالمؤمنين رحمها) (3) يعنى زكاتها (4) من المنحة بكسر الميم وسكون النون وهى أن يعطى ناقة أو شاة لمحتاج ينتفع ويعيدها، وكذلك اذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها (5) بكسر الواو وسكون الراء: الورد اسم من ورد الماء يرده اذا بلغه ووافاه، وقد كان العرب اذا اجتمعوا عند المورد حلبوا مواشيهم وسقوا المحتاجين المجتمعين هناك من لبنها (6) جمع بحرة وهى البلد قال فى النهاية والعرب تسمى المدن والقرى البحار أى أعمل بالخير فى وطنك أى فى البادية، والمعنى أفعل الخير حيثما كنت فهو ينفعك (7) بفتح أوله وكسر المثناة فوق وفتح الراء أى لن ينقصك من ثواب عملك شيئًا (تخريجه) (ق مذ نس حب) (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى الخ (غريبه) (9) بفتح الحاء وسكون التحتية وآخره زاى ومعناه أن الناس الذين لم يدخلوا فى دين الإسلام وعدلوا عنه حيز أى فريق، وأما الذين دخلوا فى دين الله أفواجًا وتركوا الشرك وانضموا إليه صلى الله عليه وسلم فهووهم حيز أى فريق آخر، قال فى القاموس إنجاز عنه عدل والقوم تركوا مركزهم إلى آخر وتحاوز الفريقان أنحاز كل واحد عن الآخر اهـ وفى النهاية التحوز والتحيز والانحياز بمعنى ويحتمل أن يكون المراد أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هاجروا معه قبل فتح مكة حيز أى فريق فاز بثواب الهجرة، ومن لم يهاجر معه صلى الله عليه وسلم إلى أن فتحت مكة فلا ثواب له فى الهجرة إلا اذا دعى للجهاد وهؤلاء حيز أى فريق آخر والله أعلم (10) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وهذا الذى أنكره مروان على أبى سعيد ليس بمنكر فقد ثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح لا هجرة ولكن جهاد ونية ولكن اذا استنفرتم فانفروا أخرجه البخارى ومسلم فى صحيحيهما (قلت) والإمام أحمد أيضاُ وهو الحديث الأول من أحاديث الباب (11) أى رآستهم (12) أى عن عمالة الصدقة وهى جمع الزكاة من البلاد والقرى (13) الدرة بكسر الدال المهملة السوط (14) أي خشيًا

الصفحة 299