كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
__________
القانطين) أكدوا الخبر بهذه البشارة وقرروه معه فبشروهما (بغلام عليم) وهو اسحاق، وأخوه اسماعيل غلام حليم مناسب لمقامه وصبره، وهكذا وصفه ربه بصدق الوعد والصبر، وقال فى الآية الأخرى (فبشرناها باسحاق ومن وراء أسحاق يعقوب) وهذا ما استدل به محمد بن كعب القرظى وغيره على أن الذبيح هو اسماعيل وان اسحاق لا يجوز ان يؤمر بذبحه بعد ان وقعت البشارة بوجوده ووجود ولده يعقوب المشتق من العقب من بعده (قال الحافظ ابن كثير) فى تفسيره وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه ولله الحمد أه (قلت) تقدم الكلام على الذبيح وتحقيق ذلك فى باب قصة الذبيح وقوله تعالى (وناديناه ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا) ومن تفسير سورة الصافات فى الجزء الثامن عشر صحيفة 255 رقم 407 بما يسر خاطرك فارجع اليه فانه بحث نفيس
(فصل فى ذكر وفاة ساّرة زوج الخليل ثم وفاته أيضا عليهما السلام)
قال الحفاظ ابن كثير فى تاريخه ذكر ان جرير فى تاريخه ان مولد ابراهيم كان فى زمن النمرود بن كنعان وهو فيما قيل الضحاك الملك المشهور الذى يقال ابنه ملك الف سنة وكان فى غاية الغشم والظلم، وذكر بعضهم أنه من بنى راسب الذين بعث اليهم نوح عليه السلام وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا، (قلت) جاء فى الكامل لابن الأئير قال جماعة ان نمرود بن كنعان ملك مشرق الأرض ومغربها وهذا قول يدفعه أهل العلم بالسير واخبار الملوك وذلك انهم لا ينكرون ان مولد ابراهيم كان أيام الضحاك الذى ذكرنا بعض اخباره فيما مضى وانه كان ملك شرق الأرض وغربها وقول القائل ان الضحاك الذى ملك الأرض وهو نمرود ليس بصحيح لأن أهل العلم بالمتقدمين يذكرون ان نسب نمرود فى النبط معروف ونسب الضحاك فى الفرس مشهور، وانما الضحاك استعمل نمرود على السواد وما اتصل به يمنة ويسرة وجعله وولده عمالا على ذلك وكان هو ينتقل فى البلاد وكان وطنه ووطن أجداده دنيا وند من جبال طبرستان وهناك رمى به افريدون حين ظفر به أهو ذكروا انه طلع نجم اخفى ضوءه الشمس والقمر فهال ذلك أهل ذلك الزمان وفزع النمرود فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك؟ فقالوا يولد مولود فى رعيتك يكون زوال ملكك على يديه، فأمر عند ذلك بمنع الرجال والنساء وأن يقتل المولودون فى ذلك الحين، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار وشب شبابا باهرا وأنبته الله نباتا حسنا حتى كان من أمره ما تقدم ثم اهلك الله نمرود على يديه وهاجر الى حرّان ثم الى أرض الشام واقام ببلاد ايليا كما ذكرنا وولد له اسماعيل واسحاق، ثم ماتت سارة قبله بقربة حيرون التى فى أرض كنعان ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر أهل الكتاب، فحزن عليها ابراهيم عليه السلام ورثاها رحمها الله، واشترى من رجل من بنى حيث يقال له عفرون بن صخر مغارة باربعمائة مثقال ودفن فيها سارة هنالك، قالوا ثم خطب ابراهيم على ابنه اسحاق فزوجه رفقا بنت بنوئيل بن ناحور بن تارخ وبعث مولاه فحملها من بلادها ومعها مرضعتها وجوارها على الابل، (وفاة ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) روى ابن عساكر من غير واحد من السلف عن أخبار أهل الكتاب فى صفة مجيء ملك الموت الى ابراهيم عليه السلام أخباراً كثيرة الله أعلم بصحتها، وقد قيل انه مات فجأة وكذا داود وسليمان، والذى ذكره أهل الكتاب وغيرهم خلاف ذلك، قالوا ثم مرض ابراهيم عليه السلام ومات عن مائة وخمس وسبعين سنة، وقيل وتسعين سنة ودفن فى المغارة المذكورة التى كانت بحيرون الحيثى عند امرأته ساّرة التى فى مزرعة عفرون الحيثى، فقيره وقبر ولده اسحاق وقبر ولد ولده يعقوب فى المربعة التى بناها سليمان بن داود عليه

الصفحة 60