كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
__________
قال يوسف (هي راودتني عن نفسي) فهربت منها فادركتنى فقدّت قميصى ـ قال ابن عمها تبيان هذا فى القميص، فان كان قُدَّ من قبل فصدقت، وإن كان قُدَّ من دبر فكذبت، فانى بالقميص فوجده قُدِّ من دبر فقال (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم) وقيل كان الشاهد صبيا فى المهد، قال ابن عباس تكلم أربعة فى المهد وهم صغار، ابن ماشطة فرعون. وشاهد يوسف. وصاحب جريج. وعيسى بن مريم، وقال زوجها ليوسف (أعرض عن هذا) أى عن ذكر ما كان منها فلا تذكره لأحد، ثم قال لزوجته (استغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين) وتحدث النساء بامر يوسف وامرأة العزيز وبلغ ذلك امرأة العزيز (فارسلت اليهن وأعدت لهن متكئا) يتكئن عليه وسائد وحضرن وقدمت لهن اترنجا وأعطت (كل واحدة منهن سكينا) لقطع الأترنج وقد اجلست يوسف فى غير المجلس: الذى هن فيه وقالت (اخرج عليهن) فخرج (فلما رأينه اكبرنه) اى اعظمنه (وقطعن ايديهن) بالسكاكين ولا يشعرن (وقلن حاشا لله ما هذا بشرا، إن هذا الا ملك كريم) فلما حل بهن ما حل من قطع ايديهن وذهاب عقولهن وعرفن خطأهن فيما قلن، اقرت على نفسها وقالت (فذلكن الذى لمتننى فيه، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين) فاختار يوسف السجن على معصية الله فقال (رب السجن أحب الىَّ مما يدعوننى اليه والا تصرف عنى كيدهن أصب اليهن واكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن) ثم بدا للعزيز من بعدما ما رأى الآيات فى القميص وخمش الوجه وشهادة الطفل وتقطيع النسوة أيديهن بداله ترك يوسف مطلقا، وقيل إنها شكت إلى زوجها وقالت أن هذا العبد قد فضحنى فى الناس يخبرهم اننى راودته عن نفسه فسجنه سبع سنين، فلما حبس يوسف أدخل معه السجن فتيان من أصحاب فرعون مصر، أحدهما صاحب طعامه والآخر صاحب شرابه لأنهما نقل عنهما انهما يريدان أن يسما الملك، فلما دخل يوسف السجن قال انى أعبر الأحلام، فقال احد الفتيان للآخر هلم فلنجو به قال الخباز (انى ارانى احمل فوق راسى خبرا تاكل الطير منه) وقال الآخر (انى ارانى أعصر خمرا) فقال لهما يوسف (لا ياتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتاويله قبل ان ياتيكما) كره ان يعبر لهما ما سألاه عنه واخذ فى غير ذلك وقال (يا صاحبى السجن ارباب متفرقون خير إم الله الواحد القهار) وكان اسم الخباز سجلت واسم الآخر نبو، فلم يدعاه حتى اخبرهما بتأويل ما سألاه عنه، فقال (اما احدكما) وهو الذى راى انه يعصر الخمر (فيسقى ربه خمرا) يعنى سيده الملك (واما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) فلما عبر لها قالا ما رأينا شيئا، قال (قضى الأمر الذى فيه تستفتيان) ثم قال لنبو وهو الذى (ظن انه ناج منهما اذكرنى عند ربك) واخبره انى محبوس ظلما (فأنساه الشيطان ذكر ربه) غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان فأوحى الله اليه يا يوسف اتخذت من دونى وكيلا لأطيلن حبسك (فبث فى السجن بضع سنين) أى سبع سنين ثم ان الملك وهو الريان بن الوليد بن الهروان بن أراشة ابن قاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح رأى رؤيا هائلة، رأى (سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) ورأى (سبع سنبلات خضر وأخر يابسات) فجمع السحرة والكهنة والحازة والعافة فقصها عليهم فقالوا (اضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) وقال الذى نجا منهما واذكر بعد أمة أى حين (انا انبئكم بتأويله فأرسلون) فأرسلوه الى يوسف فقص عليه الرؤيا فقال (تزرعون سبع سنين دأبا فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تاكلون، ثم ياتى من بعد ذلك سبع

الصفحة 71