كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
__________
شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون، ثم يأتى من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) فان البقر السمان سنون مخاصيب، والبقرات العجاف السنون المُحول وكذلك السنبلات الخضر واليابسات فعاد نبو الى الملك فاخبره فعلم ان قول يوسف حتى فقال (ائتونى به فلما جاءه الرسول) ودعاه الى الملك لم يخرج معه وقال (ارجع الى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن) فلما رجع الرسول من عند يوسف سأل الملك أولئك النسوة فقلن (حاش لله ما علمنا عليه من سوء) ولكن امرأة العزيز أخرتنا أنها راودته عن نفسه قالت امرأة العزيز و (انا راودته عن نفسه) فقال يوسف انما رددت الرسل ليعلم سيدى (انى لم اخنه بالغيب) فى زوجته فلما قال ذلك قال له جبريل ولا حين هممت بها؟ فقال يوسف (وما ابرء نفسى ان النفس لأمارة بالسوء) (قلت جاء فى تفسير هذه الآية غير ذلك عند المحققين انظر تفسير هذه الآية فى باب فاساله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر من الفتح الربانى صحيفة 181 و 182) فلما فهم الملك براءة يوسف وأمانته قال (ائتونى به استخلصه لنفسى) فلما جاءه الرسول خرج معه ودعا لأهل السجن وكتب على بابه هذا قبر الأحياء وبيت الأحزان وتجربة الاصدقاء وشماتة الأعداء، ثم اغتسل ولبس ثيابه وقصد الملك فلما وصل اليه وكلمه (قال انك اليوم لدينا مكين أمين) فقال يوسف (اجعلنى على خزائن الأرض) فاستعمله بعد سنة، ولو لم يقل اجعلنى على خزائن الأرض لا استعمله من ساعته فسلم خزائنه كلها اليه بعد سنة وجعل القضاء اليه وحكمه نافذا ورد اليه عمل قطفير سيده بعد ان هلك وكان هلاكه فى تلك الليالى، وقيل بل عزله فرعون وولى يوسف عمله والأول أصح، لأن يوسف تزوج امرأته على مانذكره، ولما ولى يوسف عمل مصر دعا الملك الريان الى الايمان فآمن ثم توفى، ثم ملك بعده مصر قابوس بن مصعب بن معاوية بن نمير بن السلواس بن قاران بن عمرة بن عملاق فدعاه يوسف الى الآيمان فلم يؤمن، وتوفى يوسف فى ملكه ثم ان الملك الريان زوج يوسف راحيل امرأة سيده، فلما دخل بها قال أليس هذا خيرا مما كنت تريدين؟ فقالت أبها الصديق لا تلمنى فانى كنت امرأة حسناء جميلة فى ملك ودنيا وكان صاحبى لا يأتى النساء وكنت كما جعلك الله فى حسنك فغلبتنى نفسى: ووجدها بكرا فولدت له ولدين افرايم ومنشا، فلما ولى يوسف خزائن أرضه ومضت السنوات السبع المخصبات وجمع فيها الطعام فى سنبله ودخلت السنوات المجدبة وقحط الناس وأصابهم الجوع وأصاب بلاد يعقوب التى هو بها فبعث بنيه الى مصر وأمسك بنيامين أخا يوسف لأمه (يعنى شقيقه) فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون، وانما أنكروه لبعد عهدهم ولتغير لبسه فانه لبس ثياب الملوك فلما نظر اليهم قال أخبرونى ما شأنكم؟ قالوا نحن من الشام جئنا نمتار الطعام، قال كذبتم أنتم عيون فأخبرونى خبركم، قالوا نحن عشرة أولاد رجل واحد صديق، كنا اثنى عشر وانه كان لنا أخ فخرج معنا الى البرية فهلك وكان أحبنا الى أبينا، قال فالى من سكن أبوكم بعده؟ قالوا الى أخ لنا أصغر منه، قال فأتونى به أنظر اليه (فان لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه) قال فاجعلوا بعضكم عندى رهينة حتى ترجعوا، فوضعوا شمعون اصابته القرعة، وجهزهم يوسف بجهازهم (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم) يعنى ثمن الطعام (فى رحالهم لعلهم يعرفونها اذا انقلبوا إلى اهلهم لعلهم يرجعون) لما علم ان امانتهم وديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعون اليه لاجلها، وقيل رد ما لهم لأنه خشى ان لا يكون عند ابيه ما يرجعون مرة اخرى، فاذا رأوا معهم بضاعة عادوا، وكان يوسف حين رأى

الصفحة 72