كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
__________
__________
ما بالناس من الجهد قد آسى بينهم وكان لا يحمل للرجال الا بعيرا فلما رجعوا الى أبيهم باحمالهم قالوا يا أبانا ان عزيز مصر قد أكرمنا كرامة لو انه بعض أولاد يعقوب ما زاد على كرامته وانه ارتهن شمعون وقال ائتونى باخيكم الذى عطف عليه ابوكم بعد أخيكم (فان لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون) (قال هل آمنكم عليه الا كما أمنتكم على أخيه من قبل) (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدّت اليهم قالوا يا أبانا ما نبغى هذه بضاعتنا ردت الينا ونمير أهلنا ونحفظ اخانا ونزداد كيل بعير) ثم قال (لن ارسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتننى به إلا ان يحاط بكم، فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) ثم اوصاهم أبوهم بعد ان اذن لأخيهم فى الرحيل معهم وقال (يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وأدخلوا من ابواب متفرقة) خاف عليهم العين وكانوا ذوى صورة حسنة ففعلوا كما امرهم ابوهم (ولما دخلوا على يوسف آوى اليه اخاه) وعرفه وانزلهم منزلا واجرى عليهم الوظائف وقدّم لهم الطعام وأجلس كل اثنين على مائدة، فبقى بنيامين وحده فبكى وقال لو كان اخى يوسف حيا لاجلسنى معه، فقال يوسف لقد بقى أخوكم هذا وحيدا، فأجلسه معه وقعد يؤاكله، فلما كان الليل جاءهم بالفرش وقال لينم كل أخوين منكم على فراش وبقى بنيامين وحده. فقال هذا ينام معى، فبات معه على فراشه فبقى يشمه ويضمة اليه حتى أصبح، وذكر له بنيامين حزنه على يوسف، فقال له أتحب أن أكون عوض أخيك الذاهب؟ فقال بنيامين ومن يجد أخا مثلك، ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف وقام اليه فعانقه وقال له إنى أنا اخوك يوسف فلا تبتئس بما فعلوه بنا فيما مضى فان الله قد أحسن الينا ولا تعلمهم بما اعلمتك. فلما علم بنيامين أن يوسف أخوه قال لا أفارقك، قال يوسف أخاف غم أبوينا ولا يمكننى حبسك الا بعد أن اشهرك بأمر فظيع، قال افعل: قال فانى اجعل الصاع فى رحلك ثم أنادى عليك بالسرقة لآخذك منهم، قال افعل، فلما ارتحلوا (أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا تا لله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الأرض وما كنا سارقين) لأننا رددنا ثمن الطعام الى يوسف فلما قالوا ذلك (قالوا فما جزاؤه إن كنت كاذبين، قالوا جزاؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه) تأخذونه لكم (فبدأ بأوعيتهم) ففتشها (قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) فقالوا (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) يعنون يوسف، وكانت سرقته حين سرق صنما لجده أبى أمه فكسره فعيروه بذلك، وقيل ما تقدم ذكره من من المنطقة، فلما استخرجت السرقة من رحل الغلام قال اخوته يا بنى راحيل لا يزال لنا منكم بلاء فقال بنيامين بل بنو راحيل ما يزال لهم منكم بلاء: وضع هذا الصاع فى رحلى الذى وضع الدراهم فى رحالكم، فاخذ يوسف اخاه بحكم اخوته، فلما رأوا نهم لا سبيل لهم عليه سألوه ان يتركه لهم فقالوا (يا إيها العزيز إن له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه) فقال (معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) فلما أيسوا من خلاصه خلصوا نجيا لا يختلط بهم غيهم، فقال كبيرهم وهو شمعون وقيل روبيل (الم تعلموا ان اباكم قد اخذ عليكم موثقا من الله) ان نأتيه باخينا الا أن يحاط بنا: ومن قبل هذه المرة ما فرطتم فى يوسف فلن ابرح الأرض حتى يأذن لى ابى بالخروج وقيل بالحرب فارجعوا الى ابيكم فقصوا عليه خبركم، فلما رجعوا الى ابيهم فأخبروه بخبر بنيامين وتخلف شمعون قال (بل سّولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل عسى الله ان يأتينى بهم جميعا) بيوسف واخيه وشمعون، ثم اعرض عنهم وقال واحزناه