كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

قصة خالد بن الوليد مع بني جذيمة وقتلهم وأسرهم خطأ بعد إسلامهم
403
-----
(عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر) (1) قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني - أحسبه قال جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا (2) وجعل خالد بهم أسرًا وقتلاً، قال ودفع إلى كل رجل منا أسيرًا حتى إذا أصبح بوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره قال فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له صنيع خالد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين (3) (باب ما جاء في غزوة حنين (4) وتاريخها وسببها وغير ذلك)
__________
ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء (1) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر إلخ (غريبه) (2) بالهمز وتركه والصابئ الخارج من دين إلى دين (قال في النهاية) يقال صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره، من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع، وصبأت النجوم إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (3) قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنكر عليه أحد؟ قال نعم، قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه (أي زجره) خالد فسكت عنه، وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب أما الأول يا رسول الله فابني عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذافة (قال ابن إسحاق) فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج عليّ حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فَردَى لهم الدماء (أي دفع دية من قتل) وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه ليدِي ميلغة الكلب (بكسر الميم وفتح اللام)، الإناء الذي بلغ، فيه وهذا وصف مبالغة في أنه ضمن لهم كل فائت حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه وبقيت معه بقية من المال، فقال لهم عليّ حين فرغ منهم هل بقي لكم دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا لا، قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال أصبت وأحسنت، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائمًا شاهرًا يديه حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (أما خالد) فإنه لم يقصد إلا نصرة الإسلام وأهله وإن كان قد أخطأ في أمر واعتقد أنهم ينتقصون الإسلام بقولهم صبأنا صبأنا، ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم وقتل أكثر الأسرى أيضًا ومع هذا لم يعزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استمر به أميرًا وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك وودى ما كان جناه خطأً من دم أو مال: ففيه دليل لأحد القولين بين العلماء في أن خطأ الإمام يكون في بيت المال لا في ماله والله أعلم
(باب) (4) وتسمى غزوة أوطاس وهما موضعان بين مكة والطائف فسميت الغزوة باسم مكانها وتسمى غزوة هوازن لأنهم الذين أتوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن القيم في "زاد المعاد"

الصفحة 167