كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)
-[ما جاء في غزوة حنين وتاريخها وسببها وغير ذلك]-
(حدّثنا بهز) (1) ثنا حماد بن سلمة أخبرني يعلى بن عطاء عن أبي همام قال أبو الأسود هو عبد الله بن يسار (2) عن أبي عبد الرحمن الفهري (3) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لأمتي (4) وركبت فرسي فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فُسطاط فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله حان الرواح (5) فقال أجل، فقال يا بلال فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر (6) فقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال أسرج لي فرسي فأخرج سرجا دفتاه (7) من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر (8) قال فأسرج قال فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فنشامت (9) الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل (10) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله
__________
(قال الحافظ) حنين بمهملة ونون مصغرا: وادٍ إلى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات، قال أبو عبيد البكري سمي باسم حنين بني قابثة بن مهلاييل (قال أهل المغازي) خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لست خلون من شوال وقيل لليلتين بقين من رمضان (وجمع بعضهم بأنه بدأ الخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوال وكان وصوله إليها في عاشره، وكان السبب في ذلك أن مالك بن عوف النضري جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثقفيون وقصدوا محاربة المسلمين فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم اهـ (قلت قال ابن إسحاق) ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم: فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية ادراعا له وسلاحًا فأرسل إليه وهو يومئذٍ مشرك، فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غدًا، فقال صفوان أغصبًا يا محمد؟ قال بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه هكذا أورد هذا ابن إسحاق بغير إسناد (قلت) حديث صفوان في العارية تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر صحيفة 129 رقم 411 فارجع إليه (1) (حدّثنا بهز إلخ) (غريبه) (2) يريد أبو الأسود أن أبا همام اسمه عبد الله بن يسار (3) قال الحافظ في الإصابة مختلف في اسمه فقيل يزيد بن أنيس وقيل كرز بن ثعلبة وقيل اسمه عبيد وقيل الحارث، ذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر، وأخرج حديثه أبو داود والبغوي، ووقع لنا بعلو في مسند الدارمي من طريق يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار عنه أنه شهد حنينًا (يعني حديث الباب) (4) بهمزة بعد اللام وقد يترك الهمز تخفيفًا وهي أداة الحرب (5) أي آن وقت الرواح لحرب العدو: والرواح السير آخر النهار (6) بهامش المنذري قوله ظل طائر مبالغة في رقته ونحافة جسمه (7) أي جانباه (8) أي ليس فيهما ما يدل على الأشر والبطر وهو الكبر من كونهما ذهب أو فضة أو حرير أو نحو ذلك (9) أي تمنى كل فريق أن يظفر بعدوه ويشمت فيه (10) يعني