كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)
-[حديث العباس بن عبد المطلب في هزيمة المسلمين يوم حنين وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته]-
أنا عبد الله ورسوله، ثم قال يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله، قال ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه (1) فأخذ كفًّا من تراب فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت (2) الوجوه فهزمهم الله عز وجل، قال يحيى بن عطاء فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابًا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد (3)
405 (عن العباس بن عبد المطلب) (4) قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا قال فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب (5) فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بغلة شهباء وربما قال معمر بيضاء أهداها له فروة ابن نَعامة الجُذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون (6) مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَل الكفار قال العباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها وهو لا يألوا (7) ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عباس ناد يا أصحاب السمرة (9) قال وكنت رجلاً
__________
قوله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بمارحبت ثم وليتم مدبرين (إلى قوله تعالى) ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم} أما سبب انهزامهم فهو أن العدو كمن لهم في شعاب الوادي ومضايقه كما قال جابر وسيأتي حديثه في الباب التالي، قال فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين، وهناك سبب آخر وهو قول رجل من المسلمين لن نغلب اليوم من قلة، قيل هو رجل من بني بكر، حكاه ابن إسحاق، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لأن ظاهره الافتخار بكثرتهم والإخبار بنفي الغلبة لانتفاء القلة، فكأنه قال سبب الغلبة القلة ونحن كثير فلا نغلب، وكان جيش المسلمين اثني عشر ألفًا، عشرة آلاف من أهل المدينة الذين فتح بهم مكة، وألفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء: وكان جيش العدو أكثر من عشرين ألفًا، روى الحاكم وصححه وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم عن أنس لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم اليوم والله نقاتل حين اجتمعنا فكره النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم (1) أي نزل عنها (2) أي قبحت (3) بالجيم تنبيهًا على قوة الصوت الذي سمعوه فإن صوت الجديد أقوى من صوت العتيق (تخريجه) (د طل مي) شيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي ورجاله ثقات كلهم (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه العباس (يعني بن عبد المطلب) قال شهدت إلخ (غريبه) (5) هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة كان كثير الإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام، وقد هداه الله فأسلم حين الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوجه إلى مكة وتقدم الكلام على ذلك ومات في خلافة عمر (6) تقدم سبب انهزامهم في شرح الحديث السابق (7) أي لا يقصر في الإسراع نحو المشركين (8) أي بركابه، الغرز الركاب (9) بفتح السين المهملة