كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

-[ما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هِرَقْل وقصته مع بطارقته]-
وإني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فتحجب عنه الجنة (باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وجوابه عليه)
437 (حدّثنا إسحاق بن عيسى) (1) قال حدثني يحيى بن سليمان عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن سعيد بن أبي راشد قال لقيت التنوخي (2) رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص وكان جارًا لي شيخًا كبيرًا قد بلغ الفَنَد (3) أو قرب فقلت ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل؟ فقال بلى (4)،: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فبعث دحية الكلبي إلى هرقل فلما أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم أغلق عليه وعليهم بابًا فقال قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إليَّ يدعوني إلى ثلاث خصال، يدعوني إلى أن أتبعه على دينه، أو على أن أعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب، والله لقد عرفتم فيما تقرءون من الكتب ليأخذن ما تحت قدميّ فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا، فخروا نخرة (5) رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا تدعونا إلى أن ندع النصرانية أو نكون عبيدًا لأعرابي جاء من الحجاز؟ فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رفأهم (6) ولم يكد، وقال
__________
تبارك سائق البقرات إني ... رأيت الله يهدي كل هاد
فمن يك حائدًا عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد
وقد حكى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهذا الشاعر لا يفضض الله فاك، فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن، (وقد روى ابن لهيعة) عن أبي الأسود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالدًا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارضًا إلى أكيدر دومة فذكر نحو ما تقدم إلا أنه ذكر أنه ماكره حتى أنزله من الحصن وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة من السبسي وألف بعير وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، وذكر أنه لمّا سمع عظيم أيلة يحنة بن رؤبة بقضية أكيدر دومة أقبل قادمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحه فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فالله أعلم
(باب) (1) (حدّثنا إسحاق بن عيسى إلخ) (غريبه) (2) قال في اللباب التنوخي بفتح التاء ثالث الحروف وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة هذه النسبة إلى تنوخ وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديمًا بالبحرين وتحالفوا على التناصر فأقاموا هناك فسموا تنوخًا والتنوخ الإقامة اهـ
(3) قال في النهاية الفند في الأصل الكذب وأفند تكلم بالفند، ثم قالوا للشيخ إذا هرم قد أفند لإنه يتكلم بالمخرِّف من الكلام عن سنن الصحة، وأفنده الكبر إذا أوقعه في الكبر (4) جاء في هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه عن سعيد بن أبي راشد مولًى لآل معاوية قال قدمت الشام فقيل لي في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدخلنا الكنيسة فإذ أنا بشيخ كبير فقلت له أنت رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، قال قلت حدثني عن ذلك، قال إنه لمّا غزا تبوك كتب إلى قيصر كتابًا وبعث به مع رجل يقال له دحية بن خليفة، فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره وبعث إلى بطارقته ورؤساء أصحابه فذكر نحو حديث الباب (5) أي تكلموا كلام رجل واحد وكأنه كلام مع غضب ونفور حملهم على أن يخرجوا من برانسهم (6) أي سكنهم

الصفحة 198