كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)
-[إرادة المنافقين أن ينفروا راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيطرحوه ويقتلوه ومخالفتهم أمره]-
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحذيفة قد قد (1) حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نزل ورجع عمار فقال يا عمار هل عرفت القوم؟ فقال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون، قال هل تدري ما أرادوا؟ قال الله ورسوله أعلم، قال أرادوا أن ينَفّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال فسارّ عمار رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ (2) فقال أربعة عشر، فقال إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدَّد (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب (4) لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد قال الوليد (5) وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس وذُكِر له أن في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطًا قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ (6)
__________
من الأمر الظعيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس (1) اسم فعل بمعنى كفى أو يكفي ضربًا وتكرارها لتأكيد الأمر، ويقول المتكلم قدني أي حسبي وللمخاطب قدك أي حسبك (2) قال النووي وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار رضي الله عنهم وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فعصمه الله منهم (3) أي أحصى منهم ثلاثة أقسموا أنهم ما سمعوا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجاوز عنهم حسب اعترافهم والله أعلم بسرائرهم (4) أي أعداء وخصوم لله ولرسوله في الدنيا والآخرة، وجاء في رواية لمسلم من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أصحابي (وفي لفظ) في أمتي اثنا عشر منافقًا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم (قال النووي رحمه الله) أما قوله صلى الله عليه وسلم في أصحابي فمعناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية الثانية في أمتي، وسم الخياط بفتح السين وضمها وكسرها والفتح أشهر وبه قرأ القراء السبعة وهو ثقب الإبرة، ومعناه لا يدخلون الجنة أبدًا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة أبدًا، (وأما الدبيلة) فبدال مهملة مضمومة ثم باء موحدة مفتوحة وقد فسرها في الحديث بسراج من نار (ومعنى ينجم) يظهر ويعلو وهو بضم الجيم، وروي تكفيهم الدبيلة محذف الكاف الثانية، وروي تكفتهم بتاء مثناة فوق بعد الفاء من الكفت وهو الجمع والستر أي نجمعهم في قبورهم وتسترهم اهـ وفي النهاية هي خرّاج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا (5) هو الوليد بن عبد الله بن جميع أحد الرواة (6) هذا الرهط من المنافقين وتقدمت قصة الماء بأطول من هذا من حديث أبي الطفيل عن معاذ في باب ما قاساه الصحابة في هذه الغزوة قبل باب (تخريجه) (هق) في الدلائل ومعناه عند مسلم من حديث حذيفة (قال الحافظ ابن كثير) في تفسيره ويشهد لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم فذكر حديث مسلم بمعناه اهـ (قلت) وحديث الباب رجاله ثقات