كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)
-[وفاة عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين وما أكرمه به النبي صلى الله عليه وسلم]-
453 (عن ابن عمر) (1) قال لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه وقال آذني به، فلما ذهب ليصلي عليه قال يعني عمر رضي الله عنه قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} فصلى عليه فأنزل الله عز وجل {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا} قال فتركت الصلاة عليهم
454 (عن جابر) (2) قال لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه (3) النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لم تأت لم نزل نُعَيّر بهذا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته فقال أفلا قبل أن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه (4)
__________
قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا إليهم بالأمان وكسرت اللات كما تقدم، (وفيها) توفي عبد الله بن أبيّ ابن سلول رأس المنافقين في أواخرها (وفيها) حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك، (وفيها) كان قدوم عامة وفود أحياء العرب، ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود والله أعلم اهـ (قلت) سيأتي في الباب التالي حج أبي بكر رضي الله تعالى عنه بالناس
(باب) (1) (عن ابن عمر إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قوله عز وجل {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} الآية من تفسير سورة التوبة في الجزء الثامن عشر صفحة 163 رقم 197 فارجع إليه (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله إلخ) (غريبه) (3) يعني ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي كما صرح بذلك في رواية للبخاري (قال الحافظ) ذكر الواقدي ثم الحاكم في الإكليل أنه مات بعد منصرفهم من تبوك وذلك من ذي القعدة سنة تسع وكانت مدة مرضه عشرين يومًا ابتداؤها من ليالٍ بقيت من شوال قالوا وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك وفيهم نزلت {لوخرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} (قال الحافظ) وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا من فضلاء الصحابة وشهد بدرًا وما بعدها واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق (ومن مناقبه) أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتله، قال بل أحسن صحبته، أخرجه ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام فلذلك التمس من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضره (4) (قال العلماء) وجه إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لعبد الله بن أبي مبين في حديث جابر قال لما كان يوم بدر أتى بأسارى وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه إياه (قال ابن عيينة) كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحب أن يكافئه رواه البخاري (فائدة) قال الإمام الخطابي إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطيب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارًا على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهي، (وقد أخرج الطبري) من طريق سعد عن قتادة في هذه القصة قال فأنزل الله تعالى