كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

-[كلام العلماء في سبب إرسال عليّ إلى أهل مكة ببراءة دون أبي بكر رضي الله عنهما]-
يحج هذا البيت بعد العام مشرك، قال فكنت أنادي حتى صَحَل صوتي (1)
458 (عن أنس) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة قال لا يبلغها إلا أنا ورجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3)
__________
أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرًا على الحج ذلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا وأن ينادي في الناس براءة من الله ورسوله، فلما قفل
أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة له اهـ (وقال الإمام البغوي) في تفسيره ذكر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزل أبا بكر رضي الله عنه وكان أميرًا (يعني للحج) وإنما بعث عليًّا رضي الله عنه لينادي بهذه الآيات (يعني الآيات العشر من أول سورة التوبة) وكان السبب فيه أن العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها أن لا يتولى ذلك إلا سيدهم أو رجل من رهطه فبعث عليًّا رضي الله عنه إزاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا في نقض العهد، واستدل الإمام البغوي على ذلك بحديث رواه بسنده عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال بعثني أبو بكر رضي الله عنه وفي تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى (ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) قال حميد بن عبد الرحمن ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة فأذن معنا عليّ في أهل منًى يوم النحر ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (1) أي بَحّ من الصحل بتحريك الحاء المهملة وهو كالبحة في خفض الصوت (تخريجه) (نس مي) والطبري وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد جيد، لكن فيه نكارة من جهة قول الراوي أن من كان له عهد فأجله إلى أربعة أشهر، وقد ذهب إلى هذا ذاهبون ولكن الصحيح أن من كان له عهد فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهر، ومن ليس له أمد بالكلية فله تأجيل أربعة أشهر، بقي قسم ثالث وهو من له أمد يتناهى إلى أقل من أربعة أشهر من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول فيكون أجله إلى مدته وإن قل ويحتمل أن يقال أنه يؤجل إلى أربعة أشهر لإنه أولى ممن ليس له عهد بالكلية والله تعالى أعلم اهـ (قلت) ما ذكره الحافظ ابن كثير هو الصواب ويؤيده ما جاء عند الإمام أحمد من حديث زيد بن يثيع وتقدم في تفسير سورة براءة في الجزء الثامن عشر صفحة 156 رقم 290 وفيه (ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته) وتقدم الكلام على شرحه هناك مستوفى والله الموفق (2) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد عن سماك عن أنس (يعني ابن مالك إلخ) (غريبه) (3) تقدم الكلام على الحكمة في بعث علي رضي الله عنه بعد أبي بكر وتخصيصه بالتبليغ في شرح الحديث السابق، وجاء في بعض الروايات أن أبا بكر رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير) في التفسير وليس المراد أنه رجع من فوره بل بعد قضاء المناسك التي أمّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء مبينًا في رواية أخرى (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب من حديث أنس (فائدة) قال الواقدي خرج مع أبي بكر من المدينة ثلاثمائة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وخرج أبو بكر معه خمس بدنات وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعشرين بدنة ثم أردفه بعلي فلحقه بالعرج فنادى ببراءة أمام الموسم

الصفحة 212