كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

-[محاولة النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس لانتظارهم إياه وعدم تمكنه من ذلك لما اعتراه من الإغماء]-
فقلنا لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعوا لي ماءً في المِخضب (1) ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء (2) فأغمي عليه ثم أفاق، فقال أصلى الناس؟ قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعو لي ماءً في المخضب (3) فذهب لينوء فغشي عليه قالت والناس عكوف (4) في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، وكان أبو بكر رجلاً رقيقًا، فقال يا عمر صل بالناس، فقال أنت أحق بذلك (5) فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام (6) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس (7) لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائمًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا، فدخلت على ابن عباس فقلت ألا أعرض عليك ما حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال هات (8) فحدثته فما أنكر منه شيئًا غير أنه قال هل سمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت لا، قال هو علي رحمة الله عليه (عن أرقم بن شرحبيل)
484 (عن ابن عباس) (9) قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة
__________
(يعني بن عتبة بن مسعود إلخ) (غريبه) (1) بكسرالميم وبخاء وضاد معجمتين بوزن منبر وهو إناء نحو الإجّانة التي يغسل فيها الثياب (2) أي يقوم وينهض وقوله فأغمى عليه دليل على جواز الإغماء على الأنبياء فإنه مرض والمرض يجوز عليهم، بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجرهم وتسلية الناس بهم ولئلا يفتتن الناس بهم ويبعدوهم لما يظهر عليهم من المعجزات والآيات البينات والله أعلم (3) جاء عند مسلم في المرة الثانية (ففعلنا فاغتسل) وفيه دلالة على استحباب الغسل من الإغماء، وإذا تكرر الإغماء استحب تكرر الغسل لكل مرة فإن لم يغتسل إلا بعد الإغماء مرات كفى غسل واحد قاله النووي (4) أي مجتمعون منتظرون لخروج النبي صلى الله عليه وسلم (5) قال النووي فيه فوائد (منها) فضيلة، أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترجيحه على جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره (ومنها) أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم (ومنها) فضيلة عمر بعمد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل إلى غيره (ومنها) أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع (ومنها) جواز الثناء في الوجه لمن أمن عليه الإعجاب والفتنة، لقوله أنت أحق بذلك: وأما قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما صل بالناس فقال للعذر المذكور وهو أنه رجل رقيق القلب كثير الحزن والبكاء لا يملك عينيه (6) الظاهر أن هذه الأيام هي التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت عائشة إلى أن توفي وكان مجيئه ببيت عائشة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين الذي بعده كما جاء في بعض الروايات والله أعلم (7) فسر ابن عباس في آخر الحديث الرجل الآخر بعلي بن أبي طالب (8) بكسر التاء المثناة وق (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم بن شُرَحْبِيل عن ابن عباس إلخ

الصفحة 230