كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)
-[بقية خطبة صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]-
والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان (1) ثم قال ألا أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال أليس اليوم يوم النحر؟ قلنا بلى، ثم قال أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال أليس ذا الحجة؟ قلنا بلى، ثم قال أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليست البلدة؟ قلنا بلى (2) قال فإن دماءكم وأموالكم قال وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسالكم عن أعمالكم (3) ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض (4) ألا هل بلغت؟ ألا ليبلغ الشاهد الغائب منكم، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه (5) قال محمد وقد كان ذاك:
__________
إبراهيم صلى الله عليه وسلم في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر، ثم يوخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهم وقد تطابق الشرع، وكانوا في هذه السنة قد حرموا إذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرنا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض (وقال أبو عبيد) كانوا ينسئون أي يؤخرون وهو الذي قال الله تعالى فيه (إنما النسيء زيادة في الكفر) فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثم ثؤخرون صفر في سنة أخرى فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه والله أعلم (1) إنما قيده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه وإزالة اللبس عنه، قالوا وقد كان بين بي مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب، فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن وهو الذي بين جمادى وشعبان، وكانت ربيعة تجعله رمضان فلهذا اضافة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مضر، وقيل لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم، وقيل أن العرب كانت تسمى رجبا وشعبان الرجبين، وقيل كانت تسمى جمادى ورجبا جمادين وتسمى شعبان رجبا، قال النووي وقد أجمع المسلمون على أن الأشهر الحرم الأربعة هي هذه المذكورة في الحديث، قال وقال علماء المدينة والبصرة وجماهير العلماء هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة: منها هذا الحديث الذي نحن فيه، وعلى هذا الاستعمال أطبق الناس من الطوائف كلها (2) (قال النووي) هذا السؤال والسكوت والتفسير أراد به التفخيم والتقرير والتلبية على عظم مرتبة هذا الشهر والبلد واليوم، وقولهم الله ورسوله أعلم هذا من حسن أدبهم وأنهم علموا أنه صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه ما يعرفونه في الجواب فعرفوا أنه ليس المراد مطلق الإخبار بما يعرفون (3) المراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك (4) تقدم شرح هذه الجملة في شرح حديث ابن عباس المذكور في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر في الجزء الثاني عشر ص 211 رقم 413 وقوله صلى الله عليه وسلم الأهل بلغت أي بلغت ما أمرتني به، وأنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان التبليغ فرضًا عليه (5) جاء في رواية البخاري معلقا فرب مبلغ بفتح اللام
الصفحة 276
290