كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

وهو ابن ثلاث وستين {باب ما جاء في اسلام عبد الله بن سلام} (عن أنس بن مالك) قال
(1) نزل رسول - صلى الله عليه وسلم - جانب الحرة (يعني حين قدم المدينة هو وأبو بكر) ثم بعث الي الأنصار
__________
فلما أتانا أظهر الله دينه ... فأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وألفي صديقاً واطمأنت به النوي ... وكان له عونا من الله باديا
يقص لنا ما قال ... نوح لقومه ... وما قال موسي إذ أجاب المناديا
فأصبح لايخشي من الناس واحدا ... قريبا ولا يخشي من الناس ... نائيا
بذلنا له الأموال من حل ... ما لنا ... وأنفسنا عند الوغي ... والتآسيا
ونعلم أن الله لاشئ ... غيره ... ونعلم ان الله افضل ... هاديا
نعادي الذي عادي من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المصافيا
فو الله ما يدري الفتي كيف يتقي ... إذا هو لم يجعل له الله ... واقيا
ولا تحفل النخل المقيمة ... ربها ... إذا اصبحت ريا وأصبح ... ثاويا
قال ابن اسحاق إن أبا قيس كان رجلا قد ترهب في الجاهلية وليس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وهم بالنصرانية ثم امسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجداً لاتدخل عليه فيه طامث ولا جنب وقال أعبد رب ابرهيم حين فارق الأوثان وكرها حتي قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأسلم وحسن اسلامه وهو شيخ كبير، وكان قوالا بالحق معظما لله عز وجل في جاهليته يقول أشعارا في ذلك حسانا وهو الذي يقول:
يقول أبو قيس وأصبح ... غاديا ... ألا ما استطعتم من وصايتي فافعلوا
فاوصيكم بالله والبر والتقي ... واعراضكم والبر بالله ... أول
وإن قومكم سادوا فلا تحسدونهم ... وان كنتم أهل الرياسة ... فاعدلوا
وإن نزلت احدي الدواهي بقومكم ... فأنفسكم دون العشيرة ... فاجعلوا
وان ناب غرم ... فادح ... فارفدوهم ... وما حملوكم في الملمات ... فاحملوا
وان أنتم أمعرتم ... فتعففوا ... وان كان فضل الخير فيكم فأفضلوا
قال المرزباني في معجم الشعراء عاش أبو قيس عشرين ومائة سنة، قال ابن اسحاق وهو الذي نزلت فيه (وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (وقال الامام البغوي) في تفسيره نزلت في رجل من الأنصار اسمه أبو صرمه بن قيس بن صرمه، وقال عكرمة أبو قيس بن صرمة وقال الكلي أبو قيس صرمة، وذلك أنه ظل نهاره يعمل في أرض له وهو صائم فلما أمسي رجع الي أهله بتمر وقال لأهله قدمي الطعام، فأرادت المرأة أن تطعمه شيئاً سخينا فاخذت تعمل له سخينة وكان في الابتداء من صلي العشاء ونام حرم عليه الطعام والشراب، فلما فرغت من طعامه إذ هو به قد نام وكان قد أعيا وكل فأيقظته فكره أن يعصي الله ورسوله فأبي ان يأكل فاصبح صائما مجهودا، فلم ينتصف النهار حتي غشي عليه، فلما أفاق أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له يا أبا قيس مالك أصبحت طليما؟ فذكر له حاله، فاغتم لذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عزوجل (وكلوا واشربوا) الآية رضي الله عنه باب (1) {عن أنس بن مالك الخ} نقدم سند هذا الحديث وصدره.

الصفحة 4