كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه (1) قال بعث رسو ل الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة ثمامة بن أثال (2) سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد (3) فخرج اليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له ماذا عندك يا ثمامة؟ (4) قال عندي يا محمد خير، إن تقتل ذام دم (5) وان تنعم تنعم علي شاكر، وان كنت تريد المال فسل تعط منها ما شئت، فتركه رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - حتي إذا كان الغد قال له ما عندك يا ثمامة؟ قال ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي كان بعد الغد فقال له ما عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلقوا بثمامة: فانطلقوا به إلي نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ارسول الله: يا محمد والله ما كان علي وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها الي، والله ما كان من دين أبغض الي من دينك فأصبح دينك أحب الأديان الي، والله ما كان بلد أبغض الي من بلدك فاصبح بلدك أحب البلاد الي: وان خيلك أخذتني واني أريد العمرة فماذا تري؟ فبشره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يعتمر
__________
من بني بكر وهم ينزلون بناحية ضرية) قال البرهان بفتح الضاد المعجمة وكسر الراء ثم تحتية مفتوحة مشددة ثم تاء تانيث قال في الصحاح قرية لبني كلاب علي طريق البصرة إلي مكة وهي إلي مكة أفرب (بالبكرات) بفتح الموحدة وسكون الكاف موضع بناحية ضرية
(وبين ضرية والمدينة سبع ليال) خرج (لعشر خلون من المحرم سنة ست علي رأس تسعة وخمسين شهراً من الهجرة) يعني من أول دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة في شهر ربيع الأول (وقوله سنة ست) يعني من أول المحرم السابق لربيع الأول، لانهم اتفقوا علي أنه أول التاريخ، لان بيعة العقبة كانت في ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم فناسب ان يجعل ذلك مبتدءاً (بعثه في ثلاثين راكبا) يعني إبلا وخيلا (فلما أثار عليهم هرب سائرهم، وعند الدمياطي فقتل منهم نفرا) النفر ما دون العشرة، لكن قال الواقدي فقتل منهم عشرة (وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ومعه ثمامة بن أثال) اه واليك قصة ثمامة بن أثال في هذا الحديث (1) (سنده) حدثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني سعيد انه سمع أبا هريرة يقول بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (2) بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة ولام ابن النعمان الحنفي (3) في المواهب بأمره - صلى الله عليه وسلم - (قلت) والظاهر أن الحكمة في ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها فيرق قلبه (4) كأنه - صلى الله عليه وسلم - يريد منه الاسلام (5) الظاهر من قوله إن تقتل تقتل ذا دم انه يريد أنه عزيز في قومه يحفظون دمه ويأخذون بثأره ان قتل وأنه من أهل الوفاء والشكر شأن العربي الكريم إذا أسديت اليه نعمة شكرها وحفظها، ومن ذلك إباؤه أن يسلم حتي اطلق من الإسار لئلا يقال إنه أسلم رهبة من السيف وكان من حسن إسلامه ووفائه أن ثبت علي الحق حين ارتد قومه من أهل اليمامة مع مسيلمة الكذاب

الصفحة 89