كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 21)

باب ما جاء في عمرة الحديبية (1) وصد قريش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن دخول مكة وإجراء الصلح)
__________
عسفان ثم بدا له في الرجوع فقال يا معشر قريش انه لا يصلحكم الا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن فإن عامكم هذا عام جدب واني راجع فارجعوا: فرجع الناس فسماهم اهل مكة جيش السويق يقولون انما خرجتم تشربون السويق، ثم رجع رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - الي المدينة ولم يلق كيدا: قال ابن اسحاق وقد قال عبد الله بن رواحة يعني في انتظارهم اباسفيان ورجوعه بقريش عامه ذلك قال ابن هشام وقد انشد فيها ابو زيد لكعب بن مالك
وعدنا ابا سفيان بدراً فلم نجد ... لمعياده صدقا وما كان ... وافيا
فأقسم لو لاقيتنا ... فلقيتنا ... لابت ذميما وافتقدت ... المواليا
تركنا به أوصال عتبة وابنة ... وعمراً ابا جهل تركناه ثاويا
عصيتم رسول الله ان لدينكم ... وأمركم السيئ الذي كان غاويا
فاني وان عنفتموني لقائل ... فداً لرسول الله أهلي وماليا ... أطعناه لم نعدله فينا بغيره ... شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا
وقد ذكر موسي بن عقبة عن الزهري وابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استنفر الناس لموعد أبي سفيان وانبعث المنافقون في الناس يثبطونهم فسلم الله أولياءه، وخرج المسلمون صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي بدر وأخذوا معهم بضائع وقالوا ان وجدنا ابا سفيان والا اشترينا من بضائع موسم بدر، ثم ذكر نحو سياق ابن اسحاق في خروج أبي سفيان الي بجنه ورجوعه (قال الواقدي) خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليها في ألف وخمسمائة من أصحابه واستخلف علي المدينة عبد الله بن رواحه وكان خروجه اليها في مستهل ذي القعدة يعني سنة أربع، والصحيح قول ابن اسحاق أن ذلك في شعبان من هذه السنة الرابعة ووافق قول موسي بن عقبه انها في شعبان لكن قال في سنة ثلاث، وهذا وهم فان هذه تواعدوا اليها من أحد وكانت أحد في شوال سنة ثلاث كما تقدم والله أعلم (قال الواقدي) فأقامو ببدر مدة الموسم الذي كان يعقد فيها ثمانية أيام فرجعوا وقد ربحوا من الدرهم درهمين، وقال غيره فانقلبوا كما قال الله عز وجل (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم، وءواتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) (باب) (1) قال الحافظ هي بئر سمي المكان بها، وقيل شجرة حدباء صغرت وسمي المكان بها (قال المحب الطبري) الحديبية قرية قريبة من مكة اكثرها في الحرم اه قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، وممن نص علي ذلك الزهري ونافع مولي ابن عمر وقتادة وموسي بن عقبة ومحمد بن اسحاق بن يسار وغيرهم، وقال ابن اسحاق خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا (قال ابن هشام) واستعمل علي المدينة نميلة بن عبد الله الليثي (قال ابن اسحاق) واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الاعراب ليخرجوا معه وهو يخشي من قريش ان يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من العرب وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس انه انما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له (قال ابن اسحاق) وحدثني محمد بن مسلم

الصفحة 94