كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 22)
-[ما جاء في عكاشة بن محصن رضي الله عنه]-
(باب ما جاء في عكاشة بن محصن رضي الله عنه)
(309) (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب فقال عكاشة بن محصن رضي الله عنه يا رسول الله: أدع الله أن يجعلني منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم أجعله منهم، ثم قال آخر يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال قد سبقك بها عكاشة.
__________
(باب) عكاشة بن محصن الصحابى رضى الله عنه شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا وشهد أحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وانكسر سيفه يوم بدر فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجونا أو عودا فعاد فى يده سيفا شديد المتن أبيض الحديد فقاتل به حتى فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد فى قتال المرتدين فى زمن الصديق رضى الله عنه وله أربع وأربعون سنة.
(309) (سنده) (1) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو يونس عن أبى هريرة الخ "وعكاشه" بضم العين المهملة ويجوز فى الكاف التشديد والتخفيف والأول هو الاشهر "ومحصن" بوزن منبر واسم "أبى يونس" فى السند سليم بن جبير "بالتصغير فيهما" المصرى الدوسى مولى أبى هريرة رضى الله عنه أفاده النووى (2) جاء بيانهم فى حديث ابن عباس عند أحمد والشيخين: هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتون وعلى ربهم يتوكلون" والمعنى فى تركهم الرقى والكى انه قد كمل تعويضهم إلى الله عز وجل فلم يتسببوا فى دفع ما أوقعه بهم ولا شك فى فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها وأما تطببه صلى الله عليه وسلم فكان لبيان الجواز أفاده الخطابى قال القاضى عياض وهذا ظاهر الحديث ومقتضاه أنه لا فرق بين ما ذكر من الكى والرقى وسائر أنواع الطب وذهب بعضهم إلى التفرقة لمعنى وهو أن التطيب غير قادح فى التوكل إذ فعله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح ومثله كل سبب مقطوع بفائدته كالاكل والشرب للغذاء والرى ولهذا لم يجعلوا الاكتساب للقوت والسعى على العيال قادحا فى التوكل إذا لم يكن ثقته فى رزقه باكتسابه وكان مفوضا فى ذلك إلى الله تعالى قال القاضى والكلام فى الفرق بين الطب والكى يطول وقد أباحهما النبى صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهما لكنه صلى الله عليه وسلم تطبب فى نفسه وطبب غيره ولم يكتو وكوى غيره ونهى أمته عن الكى وقال ما أحب أن أكتوى (3) قيل إن الرجل الثانى لم يكن ممن يستحق تلك المنزلة وقيل إن ذلك لحم ماده الطلب فى هذا الباب وقيل إن كون عكاشة منهم كان بوحى ولم يحصل ذلك لغيره والله سبحانه وتعالى أعلم.
(تخريجه) أخرجه الشيخان فى صحيحهما البخارى فى باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب من كتاب الرقاق ومسلم فى أواخر كتاب الايمان وأخرجاه أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما