كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 22)
-[ما جاء في عمرو بن عبسة رضي الله عنه]-
من بني سليم بأي شيء تدعي أنك رابع الإسلام قال: إني كنت في الجاهلية أرى الناس على ضلالة، والا أرى الأوثان شيئًا، ثم سمعت عن رجل يخبر أخبار مكة ويحدث أحاديث فركبت راحلتي حتى قدمت مكة، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مستخف، وإذا قومه عليه جرداء فتلطفت له فدخلت عليه، فقلت ما أنت قال أنا نبي الله، فقلت وما نبي الله قال: رسول الله، قال قلت الله أرسلك قال نعم قلت بأي شيء أرسلك قال بأن يوحد الله وأن لا يشرك به شيء وكسر الأوثان وصلة الأرحام، فقلت له من معك على هذا قال حر وعبد أو عبد وحر وإذا معه أبو بكر بن أبي قحافة وبلال مولى أبي بكر، قلت إني متبعك قال لا تستطيع ذلك يومك هذا، ولكن أرجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فألحق بي، قال فرجعت إلى أهلي وقد أسلمت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجعلت أتخبر الأخبار حتى جاء ركبة من يثرب فقلت ما هذا المكي الذي أتاكم قالوا أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك وحيل بينهم وبينه وتركنا الناس سراعًا قال عمرو ابن عيسة "رضي الله عنه" فركبت راحلتي حتى قدمت عليه المدينة فدخلت عليه فقلت يا رسول الله أتعرفني قال نعم ألست أنت الذي أتيتني بمكة قال قلت يا رسول الله علمني مما علمك الله وأجهل قال: إذا صليت الصبح فاقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت فلا تصل حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان وحينئذٍ يسجد لها الكفار، فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الرمح بالظل ثم أقصر
__________
إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعلقها بفناء أولياء المقتول أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه فسميت الدية عقلا بالمصدر اهـ أقول فلعل المراد من كون عمرو بن عبسة صاحب عقل الصدقة أنه كان سيدافي قومه يتحمل الدية عمن يعجز عنها والله أعلم (1) بوزن شرفاء جمع جرى. بوزن شريف عن الجراة وهي الاقدام والتسلط (2) لما كان سؤال عمرو عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أنت و"ما" لصفات من يعقل (3) قال النووي. معناه قلت له أني متبعك على إظهار الإسلام هنا وإقامتي معك فقال لا تستطيع ذلك لضعف شوكة المسلمين ونخاف عليك من أذى الكفار ولكن قد حصل أجرك فايق على إسلامك وأرجع إلى قومك واستمر على الإسلام في موضعك حتى تعلم أني قد ظهرت فأنني قال وفيه معجزة للنبوة وهي أعلامه بأنه سيظهر (4) الركبة بوزن الرقبة جماعة أقل من الركب جمعه ركبات بفتحتين والركب أصحاب الإبل في السفر إذا كانوا عشره فما فوقها جمعة ركبان بضم أوله ومكون ثانية اهـ نهاية ومختار (5) سراعا بكسر السين أي مسرعين إلى انباعه (6) "فاقصر عن الصلاة" يجوز أن يكون بقطع الهمزة وكسر الصاد أمر من (اقصرا عن الشيء) بمعنى كف ونزع ويجوز أن يكون يوصل الهمزة وضم الصاد أمر من (قصر الشيء بمعنى حبسه) أي أحبس نفسك عن الصلاة وعلى كل المعنى الكف عن الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها سد الذريعة التشبه بالكفار وعن الصلاة وقت توسط الشمس في السماء لأن جهنم حينئذ يوقد عليها ويشتد لهيبها وتفصيل الفول فل ذلك نجده في كتاب الصلاة (7) غاية لتجويز الصلاة بعد طلوع الشمس وارتفاعها والمعنى حتيى يبلغ ظل الرمح المغروز بالأرض أدنى ما يكون