كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 23)

. . .
__________
ولا يجب والثاني يجب وبه قال كثيرون من العلماء وأما باقي المساجد سوى الثلاثة فلا يجب قصدها بالنذر ولا ينعقد نذر قصدها هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا محمد بن سلمة المالكي فقال إذا أنذر قصد مسجد قباء لزمه قصده لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا وقال الليث بن سعد يلزمه وقصد ذلك المسجد أي مسجد كان وعلى مذهب الجماهيري ينعقد نذره ولا يلزمه شيء وقال أحمد يلزمه كفارة يمين واختلف العلماء في شد الرحال وأعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا هو حرام وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة والله أعلم
قال واختلف العلماء في مكة والمدينة أيتهما أفضل ومذهب الشافعي وجماهير العلماء إن مكة أفضل من المدينة وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة وعكسه مالك وطائفة فعند الشافعي والجمهور معناه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي وعند مالك وموافقيه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف قال القاضي عياض أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض واختلفوا في أفضلهما ما عدا موضع قبره صلى الله عليه وسلم فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين المدينة أفضل وقال أهل مكة والكوفة والشافعي وابن وهب وابن حبيب المالكيان مكة أفضل قال النووي ومما احتج به أصحابنا لتفضيل مكة حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بمكة يقول والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي حديث حسن رواه أحمد بن حنبل في مسنده والبيهقي وغيرهما بإسناد حسن والله أعلم قال واعلم أن مذهبنا أنه لا يختص هذا التفضيل بالصلاة في هذين المسجدين بالفريضة بل يعم الفرض والنفل جميعا وبه قال مطرف من أصحاب مالك وقال الطحاوي يختص بالفرض وهذا مخالف أخلاق هذه الأحاديث الصحيحة والله أعلم، قال واعلم أن الصلاة في مسجد المدينة تزيد على فضيلة الألف فيما سواه إلا المسجد الحرام لأنها تعادل الألف بل هي زائدة على الألف كما صرحت به الأحاديث أفضل من ألف صلاة وخير من ألف صلاة ونحوه قال العلماء وهذا فيما يرجع

الصفحة 282