كتاب فتاوى السبكي (اسم الجزء: 2)

وَأُمُّهُ الْفُرَيْعَةُ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ حُبَيْشٍ بْنِ لُوذَانَ بْنِ عَبْد ود بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَاعِدَةَ فَهُوَ أَيْضًا قَرَابَةُ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَيَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي جِهَةِ الْأَبِ فِي حَرَامٍ جَدُّ وَالِدِ أَبِي طَلْحَةَ وَوَالِدِ حَسَّانَ فَهُمَا ابْنَا ابْنَيْ عَمٍّ لَهَا فَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَنَسٍ بِكَثِيرٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ صُهَيْلَةُ بِنْتُ الْأَسْوَدِ عَمَّةُ أَبِي طَلْحَةَ مُجْتَمَعَانِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ سَابِعِ أَبٍ لِأَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ سَادِسُ أَبٍ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَأَقْعَدُ مِنْ حَسَّانَ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ ابْنُ عَمَّتِهِ فَهِيَ أَقْرَبُ مِنْ قَرَابَةِ حَسَّانَ مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ فَاعْتَدَلَا؛ لِأَنَّ فِي حَسَّانَ قُرْبًا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَفِي أُبَيٍّ قُرْبًا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَبُعْدًا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إلَّا أَنَّهُ أَعْلَى فَعَارَضَ عُلُوَّ الْقَدْرِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَسَّانَ كَوْنُهُ ابْنَ ابْنِ عَمِّ أَبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ حَيْثُ كَوْنُهُ ابْنَ عَمَّتِهِ نَفْسِهَا فَكَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ لِذَلِكَ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْجِهَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُعَادِلْ بِذَلِكَ حَسَّانَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ أَنَسٍ. وَقَدْ يَكُونُ قَصَدَ عُمُومَ الْأَقْرَبِينَ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُهُمْ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُنَا بِهِ وَهُوَ مُرَاعَاةُ الْجِهَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الْأَقْرَبِيَّةُ مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ حَصَلَتْ مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَيْ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَإِذَا رُوعِيَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَجَبَ أَنْ يُرَاعَيَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِإِعْمَالِهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَإِلْغَائِهِمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَا إعْمَالِ إحْدَاهُمَا وَإِلْغَاءِ الْأُخْرَى فَوَجَبَ أَنْ يُرَاعَيَا جَمِيعًا وَإِذَا رُوعِيَتْ الْجِهَتَانِ.
فَمُقْتَضَاهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَاسْتِوَاءِ التَّرْجِيحِ عَلَى مَنْ انْفَرَدَ بِإِحْدَاهُمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَنْشَرِحْ بِهِ صَدْرُك وَقَدْ نَظَرْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرَّاتٍ وَكَتَبْت شَيْئًا مِنْهَا فِي بَابِ الْوَقْفِ مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَفِيمَا ذَكَرْته الْآنَ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَحَلُّ إشْكَالٍ حَصَلَ بِتَرْكِهِ مُعَاوَدَةُ النَّظَرِ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ وَعَدَمُ إهْمَالِ شَيْءٍ مِنْ الْعُلُومِ كَالْأَنْسَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْفِقْهِ فَقَدْ ظَهَرَ نَفْعُهُ فِي الْفِقْهِ وَفِي فَهْمِ فِعْلِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَاتِّبَاعِهِمْ لِأَوَامِرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ قَصَدَ تَعْمِيمَ الْأَقْرَبِينَ وَعَدَمَ دُخُولِ غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْأَمْرِ وَأَمْثَالُهُ وَوَضْعُ اللُّغَةِ وَلَا يُنَجِّي مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَعْطَى بَعْضَ الْأَقْرَبِينَ دُونَ بَعْضٍ أَوْ بَعْضَ الْقَرَائِبِ دُونَ بَعْضٍ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُوَ

الصفحة 28