كتاب فتاوى السبكي (اسم الجزء: 2)

شَارَكَ عَمَّهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَزْدَحِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَاضْبُطْ هَذَا فَإِنَّ فَهْمَهُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) إنَّ الْوَاقِفَ قَدْ ذَكَرَ الْبُطُونَ الَّتِي بَعْدَ عَبْدِ اللَّهِ بِالْوَاوِ ثُمَّ ذَكَرَهَا أَيْضًا بَعْدَ أَوْلَادِهِ بِالْوَاوِ وَمُقْتَضَاهَا لَوْ سَكَتَ عَلَيْهَا التَّشْرِيكُ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ " لَا يُشَارِكُ الْبَطْنُ السَّافِلُ الْعَالِيَ " يَقْتَضِي حَجْبًا مَا وَالْمُحَقَّقُ مِنْهُ حَجْبُ الْفَرْعِ بِأَصْلِهِ وَأَمَّا حَجْبُهُ بِأَصْلِ غَيْرِهِ فَمُحْتَمَلٌ فَيَتَمَسَّكُ فِي نَفْيِهِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ الدَّالِّ عَلَى التَّشْرِيكِ السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ، وَهَكَذَا أَقُولُ حَيْثُ قَالَ الْوَاقِفُ " وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَنَسْلِي تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى " إنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَّا فِي الْحَجْبِ الْمُحَقَّقِ وَهُوَ حَجْبُ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَحَيْثُ شَكَكْنَا نَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ " عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ مَا لَمْ يَنْقَرِضْ جَمِيعُ الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ الْمُتَعَضَّدِ بِالْأَصْلِ، هَذَا فِي قَوْلِهِ تَحْجُبُ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْفِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ قَوْلُهُ لَا يُشَارِكُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ.
(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) إنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ إيجَادِ السَّبَبِ وَعِنْدَ اخْتِلَافِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَفِي مَحَلَّيْنِ، وَالتَّرْتِيبُ مُطْلَقٌ وَقَدْ قَيَّدَهُ الْوَاقِفُ فِي أَوْلَادِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
(الْوَجْهُ السَّادِسُ) إنَّ بَطْنًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَجْمُوعُ الْبَطْنِ أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ؛ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ اقْتَضَى كَلَامَ الْوَاقِفِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ مَجْمُوعُ الْبَطْنِ السَّافِلِ مَجْمُوعَ الْبَطْنِ الْعَالِي، وَهَذَا حَاصِلٌ بِمَوْتِ بَعْضِ الْعَالِي فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَنْعِ مُشَارَكَةِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَامٌّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالسَّلْبُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ وَهُوَ سَلْبُ الْعُمُومِ لَا عُمُومُ السَّلْبِ وَسَلْبُ الْعُمُومِ بِمَنْزِلَةِ سَلْبِ الْمَجْمُوعِ.
(الْوَجْهُ السَّابِعُ) أَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ صَرَّحَ فِي أَوْلَادِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَوْلَادِ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ ذَلِكَ فِي الْبَاقِينَ وَالْقَرَائِنُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ.
(الْوَجْهُ الثَّامِنُ) مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِينَ تَعْمِيمُ النَّفْعِ فِي ذُرِّيَّاتِهِمْ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ وَنَحْنُ أَلْغَيْنَاهُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ فَلَا نُلْغِيهِ إذَا اعْتَضَدَ بِغَيْرِهِ وَهَهُنَا قَدْ اعْتَضَدَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَانَ الِاسْتِنَادُ إلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَصَلُحَا بِأَنْ يَنْهَضَ مِنْهُمَا دَلِيلٌ.
(الْوَجْهُ التَّاسِعُ) أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَهُ " وَقَفَتْ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي " هَلْ يَقْتَضِي انْتِقَالَ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ لِوَلَدِهِ أَوْ لَا وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ هَذَا إذَا لَمْ تُعَضِّدْهُ قَرِينَةٌ وَهَهُنَا قَدْ اعْتَضَدَ ذَلِكَ الْوَجْهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَقَوِيَ.
(الْوَجْهُ الْعَاشِرُ) مَا دَلَّ عَلَيْهِ

الصفحة 33