كتاب فتاوى السبكي (اسم الجزء: 2)

فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَعْرِفُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَعْلِيقًا لِلْوَصِيَّةِ.
فَإِنْ قُلْت: هُنَا مَا يَمْنَعُ الْإِسْنَادَ إلَى شَخْصٍ بَعْدَ شَخْصٍ وَهُوَ جَعْلُ الْوَاقِفَةِ لِلْمُسْنَدِ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ زَهْرَاءَ إنْ تُسْنِدَ فَلَوْ صَحَّ إسْنَادُ زَهْرَاءَ إلَى الثَّانِي يَمْنَعُ الْأَوَّلَ مِنْ الْإِسْنَادِ الَّذِي شَرَعَتْهُ لَهُ الْوَاقِفَةُ فَكَانَ فِي تَصْحِيحِ الْإِسْنَادِ إلَى أَوْلَادِ أَخِيهَا الصَّالِحِ بَعْدَ أَخِيهَا الْأَمْجَدِ مَا يَمْنَعُ الْأَمْجَدَ مِنْ الْإِيصَاءِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَيَكُونُ بَاطِلًا. قُلْت لَيْسَ فِي إسْنَادِهَا إلَى أَوْلَادِ الصَّالِحِ بَعْدَ الْأَمْجَدِ مِنْ الْإِسْنَادِ بَلْ نَقُولُ لِلْأَمْجَدِ أَيْضًا أَنْ يُسْنِدَ وَإِذَا أَسْنَدَ كَانَ لِكُلِّ مَنْ أَسْنَدَ إلَيْهِ وَأَسْنَدَتْ هِيَ إلَيْهِ النَّظَرُ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ حَقَّ النَّظَرِ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَيَكُونُونَ كُلُّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِهَا وَكَمَا إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِاثْنَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ أَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ عِنْدَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ وَأَنَا قَاطِعٌ بِهِ وَلَا شَكَّ عِنْدِي فِيهِ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهَا لَا يَلْزَمُ بُطْلَانُ إسْنَادِ إسْنَادِهَا بَلْ نَقُولُ يَبْقَى لَهُ أَنْ يُوصِيَ فَإِنْ لَمْ يُوصِ انْفَرَدَ الَّذِي أَسْنَدَتْ إلَيْهِ وَإِنْ أَوْصَى وَصِيُّهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ يَتَعَارَضُ الْوَصِيَّانِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَى لَفْظِ الْوَاقِفِ وَلَكِنْ حِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَتَرَجَّحُ وَصِيُّ الْوَصِيِّ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا عَهِدَ الْخَلِيفَةُ إلَى جَمَاعَةٍ مُتَرَتِّبِينَ ثُمَّ عَهِدَ الْأَوَّلُ إلَى غَيْرِ مَنْ عَهِدَ إلَيْهِ الْخَلِيفَةُ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ اجْتِمَاعَ خَلِيفَتَيْنِ مُتَعَذَّرٌ وَاجْتِمَاعَ نَاظِرَيْنِ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّا نَبْحَثُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَارُضِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ شُبْهَةِ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْحَاضِرَ مُسْتَقِلٌّ بِالْحُكْمِ فَكَذَلِكَ قُدِّمَ عَهْدُهُ وَأَمَّا الْوَصِيُّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ نَائِبٌ فَلِذَلِكَ أَقُولُ يَتَرَجَّحُ مَنْ أَسْنَدَتْ إلَيْهِ فَإِنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْفِ وَهِيَ الْأَصْلُ فِي الْإِسْنَادِ فَكَانَ تَقْدِيمُ وَصِيِّهَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيِّ وَصِيِّهَا وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى إسْنَادِهَا بِالْبُطْلَانِ وَلَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَهُنَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ لَمْ يَحْصُلْ تَعَارُضٌ وَلَا أَوْصَى الْأَمْجَدُ لِغَيْرِ أَوْلَادِ أَخِيهِ فَصَحَّ وَوَضَحَ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْإِسْنَادَ صَحِيحٌ عَلَى صُورَتِهِ وَأَنَّ النَّظَرَ كَمَا شَرَطَتْهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا وَهَذَا فِي الْإِسْنَادِ بِشَرْطِ الْأَهْلِيَّةِ وَهُوَ الْأَرْشَدِيَّةُ.
وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ نَسْلِ الصَّالِحِ الْمُدَّعِي لِهَذَا النَّظَرِ هُوَ صَلَاحُ الدِّينِ بْنُ الْكَامِلِ بْنِ السَّعِيدِ ابْنِ الصَّالِحِ فَإِنْ كَانَ هُوَ أَرْشَدَ الْمَوْجُودِينَ مِنْ نَسْلِ الصَّالِحِ فَالنَّظَرُ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُدَرِّسِ وَلَا لِغَيْرِهِ مُنَازَعَتُهُ فِيهِ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فِي حُكْمِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِسْنَادِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ الْآنَ بَعْدَ انْقِرَاضِ نَسْلِ ابْنِ قَاضِي بَالِسُ وَالْخُدَّامِ الْمُعَيَّنِينَ لَوْ لَمْ يَكُنْ إسْنَادٌ مِنْهُ لِأَرْشَدِ الْخُدَّامِ ثَلَاثُونَ وَلِلْمُدَرِّسِ أَرْبَعُونَ

الصفحة 38