كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

كَنَهْيِهِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ، ثُمَّ إذَا اغْتَسَلَ حَصَلَ لَهُ وَسْوَاسٌ، وَرُبَّمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَوْلِ، فَعَادَ عَلَيْهِ رَشَاشُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا بَالَ فِي مَاءٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ فِيهِ، فَقَدْ يَغْتَسِلُ قَبْلَ الِاسْتِحَالَةِ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَاءِ الْبَوْلِ، فَنُهِيَ عَنْهُ لِذَلِكَ.
وَنَهْيُهُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ إنْ صَحَّ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ، لَا لِأَجْلِ نَجَاسَتِهِ وَلَا لِمَصِيرِهِ مُسْتَعْمَلًا، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إزَالَة النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ]
75 - 60 مَسْأَلَةٌ:
فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهَا: الْمَنْعُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ.
وَالثَّانِي: الْجَوَازُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ، كَمَا فِي طَهَارَةِ فَمِ الْهِرَّةِ بِرِيقِهَا، وَطَهَارَةِ أَفْوَاهِ الصَّبِيَّانِ بِأَرْيَاقِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالسُّنَّةُ قَدْ جَاءَتْ بِالْأَمْرِ بِالْمَاءِ فِي «قَوْلِهِ لِأَسْمَاءِ: حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرِضِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ» . وَقَوْلُهُ فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ: «ارْحَضُوهَا ثُمَّ اغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ» .

الصفحة 427