كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

وَلِهَذَا وَقَعَ الْفَرْقُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَلَامِ سَائِرِ النَّاسِ، بَيْنَ بَابِ النَّهْيِ وَالتَّحْرِيمِ، وَبَابِ الْأَمْرِ وَالْإِيجَابِ، فَإِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ نَهَى عَنْ بَعْضِهِ، وَإِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ كَانَ أَمْرًا بِجَمِيعِهِ. وَلِهَذَا كَانَ النِّكَاحُ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ كَانَ أَمْرًا بِمَجْمُوعِهِ، وَالْعَقْدُ وَالْوَطْءُ، وَكَذَلِكَ إذَا أُبِيحَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] . {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] . {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] . «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» .
وَحَيْثُ حُرِّمَ النِّكَاحُ كَانَ تَحْرِيمًا لِأَبْعَاضِهِ، حَتَّى يُحَرَّمَ الْعَقْدُ مُفْرَدًا وَالْوَطْءُ مُفْرَدًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] . وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ إلَى آخِرِهَا. وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» .

الصفحة 435