كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

الْجَوَابُ: الْمُسَارَعَةُ إلَى قَضَاءِ الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِالنَّوَافِلِ، وَأَمَّا مَعَ قِلَّةِ الْفَوَائِتِ فَقَضَاءُ السُّنَنِ مَعَهَا حَسَنٌ. «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصَّلَاةِ - صَلَاةِ الْفَجْرِ - عَامَ حُنَيْنٍ، قَضَوْا السُّنَّةَ وَالْفَرِيضَةَ» . وَلَمَّا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ قَضَى الْفَرَائِضَ بِلَا سُنَنٍ. وَالْفَوَائِتُ الْمَفْرُوضَةُ تُقْضَى فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلِيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ أَمْ الْقَضَاءُ]
111 - 27 مَسْأَلَةٌ:
أَيُّهُمَا أَفْضَلُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ؟ أَمْ الْقَضَاءُ.
الْجَوَابُ: إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَاجِبٌ، فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالنَّوَافِلِ الَّتِي تَشْغَلُ عَنْهُ.

[مَسْأَلَةٌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا فِي الْعَصْرِ]
112 - 28 مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ فَرْضِ الظُّهْرِ فَسَلَّمَ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ فِي فَرْضِ الْعَصْرِ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فِي التَّحِيَّاتِ. فَمَاذَا يَصْنَعُ؟
الْجَوَابُ: إنْ كَانَ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعَصْرَ، ثُمَّ يَقْضِي الظُّهْرَ، وَفِي إعَادَةِ الْعَصْرِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ بَطَلَتْ بِطُولِ الْفَصْلِ، وَالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهَا، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ، وَمَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ وَحَضَرَتْ جَمَاعَةُ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ، ثُمَّ هَلْ يُعِيدُ الْعَصْرَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ.
أَحَدُهُمَا: يُعِيدُهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَالثَّانِي: لَا يُعِيدُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَاخْتِيَارُ جَدِّي.

الصفحة 52