كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا» .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» وَفِي السُّنَنِ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بِأَرْضِ الْخَسْفِ» . وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: الْمَقْبَرَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَزْبَلَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالْحَمَّامِ، وَظَهْرِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ» ، وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ - غَيْرَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ - قَدْ يُعَلِّلُهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهَا مَظِنَّةُ النَّجَاسَةِ. وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ النَّهْيَ تَعَبُّدًا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ عِلَلَهَا مُخْتَلِفَةٌ. تَكُونُ الْعِلَّةُ مُشَابَهَةَ أَهْلِ الشِّرْكِ: كَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقُبُورِ، وَتَارَةً لِكَوْنِهَا مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ: كَأَعْطَانِ الْإِبِلِ. وَتَارَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة فِي الْحَمَّامِ]
122 - 38 سُئِلَ: عَنْ الْحَمَّامِ إذَا اُضْطُرَّ الْمُسْلِمُ لِلصَّلَاةِ فِيهَا، وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَخْرُجَ وَيُصَلِّيَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ، وَيُصَلِّي بِالْحَمَّامِ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِهَا وَلِهَذَا لَوْ حُبِسَ فِي الْحُشِّ صَلَّى فِيهِ، وَفِي الْإِعَادَةِ

الصفحة 57