كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

نِزَاعٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ: وَلِهَذَا يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ عُرْيَانًا، إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا كَذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ وَالْخُرُوجُ لِلصَّلَاةِ خَارِجَ الْحَمَّامِ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ فِي بَيْتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي الْحَمَّامِ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
123 - 39 مَسْأَلَةٌ:
عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ؟
الْجَوَابُ: فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحُفَّاظُ. وَأَمَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، فَهَلْ يُصَلِّي فِي الْحَمَّامِ؟ أَوْ يُفَوِّتُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُصَلِّي خَارِجَهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ. فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْحَمَّامِ.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ إنْ احْتَاجَ إلَى الْحَمَّامِ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَخْرُجَ يُصَلِّي، ثُمَّ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُتِمَّ اغْتِسَالَهُ بِالسِّدْرِ وَنَحْوِهِ، عَادَ إلَى الْحَمَّامِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا؛ إمَّا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، أَوْ لَا تَصِحُّ: كَالْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ. وَإِمَّا نَهْيُ تَنْزِيهٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ.
124 - 40 سُئِلَ: هَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْحَمَّامِ. إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ؟ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: أَمَّا إذَا ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ لِيَغْتَسِلَ وَيَخْرُجَ وَيُصَلِّيَ خَارِجَ الْحَمَّامِ فِي الْوَقْتِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْحَمَّامِ، أَوْ تَفُوتَ الصَّلَاةُ فَالصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ خَيْرٌ مِنْ تَفْوِيتِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ كَالصَّلَاةِ فِي الْحُشِّ، وَالْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَمَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ نَجَسٍ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا يُفَوِّتُ الْوَقْتَ، لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْوَقْتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ.

الصفحة 58