كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

بَلْ تَكُونُ عَمَّتَهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَةِ أَبِيهَا وَخَالَةِ أُمِّهَا، أَوْ عَمَّةِ أَبِيهَا أَوْ عَمَّةِ أُمِّهَا، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِهِمْ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى كَانَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلًا لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ، وَلَا يَجِبُ بِعَقْدٍ مَهْرٌ وَلَا مِيرَاثٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدُّخُولُ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَارَقَهَا كَمَا تُفَارَقُ الْأَجْنَبِيَّةُ، فَإِنْ أَرَادَ نِكَاحَ الثَّانِيَةِ فَارَقَ الْأُولَى، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ يَجُزْ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَجَازَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، فَإِذَا طَلَّقَهَا طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ بِلَا عِوَضٍ، كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُولَى بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي هَذَا النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَزِلَهَا، فَإِنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُولَى بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَوْطُوءَةَ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي:
لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْقَوْلَانِ.

[مَسْأَلَةٌ مِنْ لَهُ جَارِيَةٌ تَزْنِي]
432 - 34 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ لَهُ جَارِيَةٌ تَزْنِي، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا؟
الْجَوَابُ: إذَا كَانَتْ تَزْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى تَحِيضَ وَيَسْتَبْرِئَهَا مِنْ الزِّنَا، فَإِنَّ {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3] عَقْدًا وَوَطْئًا، وَمَتَى وَطِئَهَا مَعَ كَوْنِهَا زَانِيَةً كَانَ دَيُّوثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 102