كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

الطَّلَاقُ، فَإِذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَحْصُلُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الطَّلَاقُ بَعْدَ هَذَا طَلَاقَ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَلَا يَقَعُ.
الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَزُولُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ.
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي الْعِدَّةِ، وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَجْنَبِيَّةً، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَظَهَرَ مَجْذُومًا]
442 - 44 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَظَهَرَ مَجْذُومًا، فَهَلْ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. إذَا ظَهَرَ أَنَّ الزَّوْجَ مَجْذُومًا فَلِلْمَرْأَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُصَافِحَةً عَلَى صَدَاقِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ]
443 - 45 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُصَافِحَةً عَلَى صَدَاقِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ، كُلَّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا وَأَصَابَهَا، فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا رُزِقَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يَرِثُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. إذَا تَزَوَّجَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَكَتَمَا النِّكَاحَ فَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، «وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ

الصفحة 119