كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

وَكَلَّمُوهُ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِمْ، وَهَذَا يَكُونُ لِصَالِحِينَ، وَغَيْرِ صَالِحِينَ.
وَلَوْ ذَكَرْت مَا جَرَى لِي، وَلِأَصْحَابِي مَعَهُمْ لَطَالَ الْخِطَابُ، وَكَذَلِكَ مَا جَرَى لِغَيْرِنَا، لَكِنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْأَجْوِبَةِ الْعِلْمِيَّةِ عَلَى مَا يَشْتَرِكُ النَّاسُ فِي عِلْمِهِ، لَا يَكُونُ لِمَا يَخْتَصُّ بِعِلْمِهِ الْمُجِيبُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ لِمَنْ يُصَدِّقُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ مُبْتَلًى سَكَنَ فِي دَارٍ بَيْنَ قَوْمٍ أَصِحَّاءَ]
368 - 8 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ مُبْتَلًى سَكَنَ فِي دَارِ بَيْنَ قَوْمٍ أَصِحَّاءَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُمْكِنُنَا مُجَاوَرَتُك، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَاوِرَ الْأَصِحَّاءَ، فَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ؟
الْجَوَابُ: نَعَمْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ السَّكَنِ بَيْنَ الْأَصِحَّاءِ. فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُورِدْ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» فَنَهَى صَاحِبَ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ أَنْ يُورِدَهَا عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ الصِّحَاحِ، مَعَ قَوْلِهِ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» . وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهُ «لَمَّا قَدِمَ مَجْذُومٌ لِيُبَايِعَهُ، أَرْسَلَ إلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ» .

[الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي كَانَ لَا يُصَلِّي]
369 - 9 - سُئِلَ: عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي كَانَ لَا يُصَلِّي، هَلْ لِأَحَدٍ فِيهَا أَجْرٌ؟ أَمْ لَا؟ وَهَلْ عَلَيْهِ إثْمٌ إذَا تَرَكَهَا، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي؟ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَمَا كَانَ يُصَلِّي، هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
أَجَابَ: أَمَّا مَنْ كَانَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ:

الصفحة 17