كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَشْرَةِ أَيَّامٍ جَازَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ، وَهَلْ الْأَئِمَّةُ مُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ؟ .
الْجَوَابُ: أَمَّا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] .
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا إذَا انْقَطَعَ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ، أَوْ مَرَّ عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ فَاغْتَسَلَتْ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْآثَارُ.

[مَسْأَلَةٌ جِمَاع الْحَائِضِ]
523 - 125 - مَسْأَلَةٌ:
فِي جِمَاعِ الْحَائِضِ، يَجُوزُ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: وَطْءُ الْحَائِضِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ وَطِئَهَا وَكَانَتْ حَائِضًا فَفِي الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَفِي غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ دُونَ الْحَيْضِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَوَطْءُ النُّفَسَاءِ كَوَطْءِ الْحَيْضِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَسَوَاءٌ اسْتَمْتَعَ مِنْهَا بِفَمِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ بِرِجْلِهِ، فَلَوْ وَطِئَهَا فِي بَطْنِهَا وَاسْتَمْنَى جَازَ، وَلَوْ اسْتَمْتَعَ بِفَخِذَيْهَا فَفِي جَوَازِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
524 - 126 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الثَّانِي أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ؟
الْجَوَابُ: لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ

الصفحة 173