كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُحِبُّهَا حُبًّا مُطْلَقًا بَلْ كَانَ وَاحِدٌ يُبْغِضُهَا مِنْ وَجْهٍ لِأَجْلِ شَرِّهَا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
540 - 3 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى أَخِيهِ بِالطَّلَاقِ لَوْ أَعْطَيْتنِي مِلْءَ ثَوْبِك ذَهَبًا مَا أَعْطَيْتُك هَذِهِ الْحَاجَةَ، ثُمَّ إنَّهُ أَعْطَاهُ تِلْكَ الْحَاجَةَ بِعَيْنِهَا، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْأَيْمَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]
541 - 4 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ، فَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا لَيْسَ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ، كَالْكَعْبَةِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَشَايِخِ، وَالْمُلُوكِ وَالْآبَاءِ؛ وَتُرْبَتِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ يَمِينٌ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ بَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّهْيُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ. فَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ، وَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» ، وَفِي

الصفحة 222